عابر سبيل: بقلم رعد الامارة

 عابر سبيل (حكايات الكبار) 


 ١ (مذهلة) 


من بعيد وأنتِ قادمة، تتمايلين مثل أرق وردة جورية يمكن أن يداعبها النسيم ، هل فكرتِ مثلاً ولو للحظة بما يحدث لي، في البداية تحمرُّ اذناي، بعدها يدق قلبي مثل طبلٍ في غابة أفريقية، لست وحدي من يقول ياإلهي حين تتسع أبتسامتك، وتقع الغمازات في شراك اللحظة، حتى العصافير تغرّدْ بذلك وهي تنحرف عن مسارها المعتاد، لترتطم بأغصان الشجر، مرة بعد مرة. 


٢  (البداية ) 


الملعون، لم ينصرف، ظلَّ وجهه الحلو ملتصقاً بزجاح النافذة، حذرته بأن جدتي لاترحم، وبأن بوسعها لو أرادت أن تصفعه كفتاة في العشرين، لكنه لم يبالِ، ليس قبل أن يرسم قلباً بسهم يخترقه هكذا أرادني أن أفهم ، لكن وهو ينهي سخافته على الزجاج، فأن سهمه أخترق قلبي. 


 ٣ (لفت نظر) 


جاري النحيف الذي يشبه عمود البرق لم يكن لطيفاً، وقاحته جاوزتْ الحدود، يستند إلى جدار بيتهم ذو الشناشيل،  يحدّق في الأرض ما أن أحاذيه، كلانا نحدق في ذات الشيء الذي يرميه أمامي، قشرة موز فاقعة الصفرة، الأحمق، وكأنه يدعوني إلى حفلة تزحلق، إنها لعبة القط والفأر تلك التي يلعبها معي، حين أتنهد وأنا أكتم جحافل الغضب في صدري فإنه يبتسم، أبتسامته تجعلني أمضي يومي بسلام، حين أعود من ذات الطريق ترتطم عيناي بوردة ملقاة في ذات المكان، ذابلة وقد شوتها أشعة الشمس، مرة بعد مرة!.


٤   (أمان )


كانت الغالية تسير أمامي برشاقة، أشارتْ لشجرة السنديان بعد أن توقفتْ لتمنحني فرصة اللحاق بها، قالت :

_سنجلس عند هذه الشجرة العملاقة، لكني لست مسؤولة عما ستفعله العصافير، عليك أن تحرص على ملابسك حبيبي. لم يطل السكون المحيط بنا كثيراً، فجأة أصبح الجو عاصفاً، واطبقتْ زهور الحديقة أوراقها وأخذتْ تترقب، أما شجرة السنديان العتيقة فهزّتْ رأسها وكأنها تقول لي :

_خبئ عصفورتك جيداً ياولد. قلت وأنا أجذبها صوبي حتى صارت ملاصقة لي :

_ستمطر عزيزتي، هذا الطقس المتقلب يزعجني، علينا الذهاب لمكان آخر، أكثر أماناً. رحنا نلمُّ أغراضنا، لكنها وهي تسمع دوي الرعد ترَكتْ كل شيء يهوي من بين يديها ولاذت بأحضاني ، أخذتْ تحكُّ ذقنها الطري بصدري، سمعتها تهمس :

_ليس ثمة أمان أفضل من ذراعيك وهما تحيطان بي.


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة