رسالة.. الحب والحساء: بقلم حميد محمد الهاشم

 قصة قصيرة:

رسالة.. الحب والحساء.

هو هكذا.. لا يجيد فن الرسائل.. لايجيد فن أن يجعل الطير يقف على رؤوس الآخرين، لكن لا أدري لماذا أقنع نفسه بعكس ذلك ،رغم إن الرسالة عالقة بين الحب والباميا والسياسة.. أعني الشعور الصادق بتذوق فريد للباميا، التي مرة يحبها ومرة لايحبها ، وسياسة طبخ ذلك الشعور عندما يتعلق الأمر بمجموعة الخنازير التي سلطها جورج أوريل للتحكم بمملكة الأبرياء والعلف.

أن الأمر أصبح أكثر تعقيداً ،وهو لايجيد فن الرسائل، ورغم ذلك فقد حشر نفسه في ذلك:

(عزيزتي.. التي تقطنين بعيدا.. بعيدا جدا.. عن أرض الحقيقة وسمائها.. أستاذتي عالية المقام...!والمقال..!

 قلتُ لكِ أكثر من مرة إنْ لا فائدة مني، فأنا  لست متمكنا في فن السياسة ، فالسياسة فن لايجيده أمثالي، أعني معرفة سياسة الآخرين الذين يتفقون، أو لا يتفقون معي في كيفية إلتهام أصابع ألباميا بحيث  يُتْرَكُ الصحن فارغا جدا،.. أودُّ أن أقول لك أني أعرف سياسيا يلحس الصحن لحسا ،بعد القضاء على آخر أصبع من أصابع أوعصابة الباميا، يمدّ لسانه كما يفعل حيوانكِ الوفي، أعني كلبك الوفي.. فثمة فرق في ذلك، أما الشّعر فمن حقي أن أكتب شعرا رغم أنك لا  تهتمين به دائما ؛ لأنه يحكي قصة الباذنجان، قمرنا الأسود.. ،زعيم "الفاكهة" الزنوج، بطل الأسواق الرخيصة.. صديقنا الوفي والذي نسينا وفاءه ،.. فنحن قوم ننسى بسرعة، أسرع من عربة الأمير، وهي تطأ أشلاءنا..، وبسبب النسيان والسرعة تدهسنا الكثير من العربات، وعندما يتوفانا الله حيث يدهسنا الأمير؛  ننهض من تحت العجلات كالعنقاء..، لا لشئ إلاّ لكي نعتذر للعربة وأميرها.. علّهُ يرحم أبناءنا واحفادنا في مزرعه الخنازير والدواجن، للأمير دواجن كثيرة نأمل أن يكون أحفادنا بعضاً منها، ولِمَ لا، فنحن قوم طيبون ،لا نكّفُ عن  أن نكون قرب حقول الطماطم ،والدواجن المليئة بالهرمونات ،والخيار المنبطح أرضا.

 آبان الحصار العربي والأجنبي على قريتنا لم يكن في قريتنا إلاّ زعيم "الفاكهة" الزنوج هذا، " أعني الباذنجان، رأس كل خطيئة"، في قريتنا الجميلة و العديمة الخضار.

 الحصار العربي والأجنبي_ والذي لم يكن أبداً ضد الفاصوليا التي  تحبينها_ قد كانا شقيقين، وكانا كلاهما ضدي وضد الباذنجان، وحش طاوتنا الجميل،  وليس ضد أميرنا "عتريس"، حبيبكم المفضل.. وقد كنت بريئا حينما أعتقلني السيد عتريس,  بدعوى أني كنت لا أطيق الباميا..من قال ذلك، تلك تهمة كيدية، المشكلة في طريقة الحب ،وليس في طريقة التشريب ، كدتُ أُشنَقُ بسبب تلك الأصابع اللعينة ،لم أكن أعلم سيدتي أنه يعشقها، وأن تشريبها أغلى لديه من قريتنا.. حينها أمسيت أنا وقريتنا بعض من ذلك الحب  التشريبي، الذي يحبه جدا، وزواج عتريس من قريتنا ليس باطلاً، كما  أدعى الفيلم الشهير، ثم آمنّا بأن كلنا أبناء تشريب واحد.

رغم الأشاعات المغرضة، فأن أعتقالي لا  علاقة  له بكل أنواع الحساء والمرق، وإنما قصيدة أوحتها ليّ الشياطين والملائكة معا.. وتهمتي الأخرى، أني زعَمت أن الطماطم تستطيع حلّ مشاكل شرقنا الأوسط والأوسخ؛ كونها قاسم مشترك بين كل أنواع المرق  والحساءفي قُراناجميعا، وذلك أمر طبيعي , فقد كانت أفطار وغداء وعشاء أطفالنا ؛حتى تكاثرت أملاحها الغنية في بول أطفالنا الإرادي واللاإرادي، بريئة هي الطماطم  سيدتي ونحن المذنبون.

ثم قصة أطفالنا والمبيد الحشري، عذرا سيدتي كان يقصد زيادة نموهم كما يفعل في حقول البطيخ الخاصة به.

تعلمين عزيزتي، أني نصف شاعر، يجيد اللغو أكثر من اللغة ولا يجيد بالطبع علم الطبيخ وفنه.. كل شئ الآن طبيخ.. طبيخ حد النخاع ،نخاعنا المصاب بالشلل والجنون ،الجنون إلذي قادني إليكِ.. أنتِ الفاتنة الراقية التي تعشقين نصف شاعر بصعلوك كامل رغم إنك لا تعشقين شِعّره ،بل حتى لا تقرأينه، تظنين أن كل ما يكتبهُ يطعن بعتريس، وعلاقته الرماديه بين الباميا والباذنجان، ألم أقل أن كل شيءٍ طبيخ. أُُكْلِنا قبل أن نوضع في القِدْر ، وبعد أن وضْعِنا وبعد النزول من القِدْر، وهذا قَدَرُنا الباذنجانيُّ الجميل).

توقف هنا...أحس أنه توغل بعيدا في الخضار والسياسة، أهمل الحب، أحمق كعادته دائما،لم يكملْ،  أعاد قراءة ما كتب.

 عشرة أخطاء أملائية، وأخطاء أكثر في تقديم وتأخير الكلمات،و أخطاء في.....وفي.. وفي..!!

مسح الرسالة بأكملها!

لكن الرسالة قد قرأتها الفاتنة البعيدة.. حتى قبل أن تصل.


انتهت..مايس2021.

*( الباذنجان كان هو الغذاء الرئيسي الوحيد وشبه الدائم  للشعب العراقي وخاصة الفقراء آبان الحصار في تسعينيات القرن الماضي... واطلق عليه شعبيا " وحش الطاوة")

* العبارة المشهورة في الفلم هي" زواج عتريس من فؤاده باطل".

 * التشريب/ طعام الثريد

حميد محمد الهاشم/العراق


تعليقات

المشاركات الشائعة