مما كتب ا. رعد الإمارة

 عابر سبيل (مجرد ذكريات )


١ (لم يفعل) 


لم تستطع أن تنسى، ترقرت الدموع في عينيها بقية المساء، حدث هذا حين أرعدت السماء وأبرقت ثم هطل المطر بشدة، تذكرت كيف كان يغلق الباب الخارجي بقدمه، وهو يحاول قدر الإمكان حماية رأسه المبلل أغلبه، كانت تضحك بشدة وهي تقف عند النافذة المشرعة، حبات المطر تنزلق على رأسه الحليق، مازالت تتذكر كيف وقف متسمرا وقد أرتسم الغضب الحلو على ملامح وجهه،  هتف بها :

_مهلا ريثما أدخل، سترين ما سأفعله بك. كان قلبها رغم ذلك يخفق بقوة، انتظارا لما سيفعل في الداخل، لكنه لم يفعل ، وقد مضت سنين منذ أن حدث هذا الأمر، ومازالت تنتظر!.


٢ (فات الأوان) 


كان طلبه جديراً بالأنتباه، قال لها وهو يدنو برأسه من خصلات شعرها المتناثرة شرقاً وغرباً :

_إنك رائعة فعلاً، هل أستطيع أن أشم رائحة يدك لو سمحت. تتذكر جيداً كيف أرتفع حاجباها ، ثم كيف تضرج وجهها بحمرة خفيفة، مع ذلك فقد حافظت على نبرات صوتها وهي تقول :

_هل تعجبك يدي! بصراحة هي لاتروق لي، أنظر كم هي صغيرة. أخذتْ تعرض يدها وتديرها أمامه، كانت تكتم ضحكة كبيرة، بوسعها الآن التمعن في عينيه الملونتين وهما تتابعان حركة يدها، سرعان ماتنهد، يا ويلي كم بدا فاتنا وهو يرخي نظراته للأرض، أوه، شعرَتْ بالخيبة تملأ ملامحه فجأة ، مدّتْ كفها، أدركت بأن عليها أن تفعل ذلك سريعاً، لكنها تأخرت بما يكفي لأن ينهض ويقول :

_ علينا الأنصراف، لقد تأخرنا، انظري، لقد هبط المساء!.


٣ (يوم آخر) 


مرت الليلة ببطء شديد، حتى لاحت بواكير الفجر، تحسّستْ أصابعه حافة السرير، قبل أن ينهض همس لنفسه :

_هو ذا يوم آخر بلا وجودها. حدّق في الوسادة الأخرى قبل أن يتمتم :

_وماذا كان سيحصل لو كانت هنا، متمددة بطولها الجميل ويدها النحيفة الحلوة تخفي عيناها!. تنهد وهو يقف عند المرآة، تخلّلَ بيده تضاريس وجهه المتعبة، خيل له بأن ثمة من أطلق ضحكة قصيرة :

_عليك أن تحلق ذقنك، وإلا فإنك لن تحصل على قبلة كبيرة مثل هذه. استدار بسرعة، أدرك بأنها مازالت تحملق فيه بعينين باسمتين، لكن هذه المرة اهتزّتْ شارة الحداد، مرة بعد مرة.


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة