الساحرة: بقلم تيسيرالمغاصبه

 "الساحرة "

قصة مسلسلة 

بقلم :تيسيرالمغاصبه 

-----------------------------------------

      -٣-

،،ليت الزمن يتوقف،،


لم تكن خفقات قلبي المختلفة كاذبة،فقد كنت أشعر بخطوات تتبعني ،بداية لم أعرها أي إهتمام ،قلت في نفسي "ربما تكون خطوات عادية لأي إنسان عابر سبيل ..أو ربما يخيل إلي أن الخطوات تتبعني  ..بقيت سائرا بينما الخطوات لازالت تتبعني ،أذا أسرعت الخطى كانت تسرع في خطواتها، وإذا أبطأت كانت تبطىء،أتابع سيري والخطوات تقترب أكثر وأكثر ،

بطرف عيني إستطعت تمييز جنس صاحبة الخطوات ..إنها إمراة ..إنحرفت إلى شارع فرعي مليء بالأشجار و..الظلام لعلها تتوقف عن ملاحقتي ..هذا إن كانت بالفعل تلاحقني، لكنها لحقت بي ..وبقيت تتبعني،

كانت الإضاءة خافتة ..أحيانا تنطفىء كليا ثم تضيء كما وإنها إضاءة مرقص، شعرت بالقلق هذه المرة ..لعلها إمرأة مجنونة ..أو قبيحة..أو ربما تكون الساحرة ذاتها التي تلاحقني منذ طفولتي ،

توقفت فجاة مع إستدارة سريعة إليها،إرتطمت بي ..

في تلك اللحظة أنار العمود فانوسه ،مع إرتطامها بي إنتشر عبق شذاها العطر ؛كالزهرة عندما تهب عليها عاصفة مفاجئة ،

كانت إمراة ساحرة الحسن والجمال ..جمالها لايمكن وصفه أبدا ،

إرتبكت خجلة ..إحمرت وجنتيها ،لم أستطع إبعاد نظري عن عينيها الواسعتين وانا المعروف بخجلي الشديد، ياالله ماهذا السحر ..ماهذا الجمال الذي لاأستطيع مقاومة النظر إليه ،ماذا فعلت بي ..رموشها الطويلة ..الجميلة والتي بدت لي حقيقية وليست مزورة ،فتنتني حقا، شعرت بحياء أكثر بينما أنا أقف صامت أتأملها بأنبهار..خصوصا أن صمتي قد  كشف لها عن كل مابداخلي من لهفة وشوق  ،كما وأني أعرفها من سنين، وشعرت أيضا بإنها لازالت لاصقة بي تلفحها أنفاسي المكبوتة، تراجعت قليلا إلى الوراء ..شعرت إنها قد إبتعدت كثيرا..ثم عادت وحددت المسافة المطلوبة من جديد ،سبلت عيناها الواسعتان ..قاومت وقاومت خجلها لعلها تستطيع التحدث ،أخيرا جمعت كل شجاعتها وتكلمت بطريقة كما وإنها تهمس ..همس المحبين بعد فراق طويل ..إنوثة مفرطة ..خجل طفولي ..أدب ..خرجت كلماتها كصوت الناي ..بينما تقترب مني كما كانت ، وتلفحني أنفاسها العطرة من جديد:


-مرحبا أخي؟


-أهلا بك .


-أ...أنا ...أختك "حسنا" ..سأتكلم معك "من الأخر"؟


-تفضلي أختي حسنا ،بماذا أستطيع أن أخدمك.


-لن أطيل عليك ،أنا من سكان إربد.. وأعمل هنا في عمان ،وقد نفذت نقودي وأريد منك لو تكرمت أن تقرضني دينار ونصف فقط لاتمكن من العودة إلى بيتي ؟


مع هيماني بها وبصوتها الجميل لم أسمع سوى نصف كلماتها الخجلة ،فقد أجبت وأنا أتمنى أن يطول ذلك اللقاء :


لكن ..لاأعتقد أن دينار يمكن أن يوصلك في الليل إلى إربد؟


إبتسمت وقالت :


-أخي..دينار ونصف يوصلاني.


أخرجت محفظتي من جيبي ..أخرجت منها ورقة نقدية من فئة الخمسة دنانير ..مديتها إليها وقالت:


-لاارجوك ..دينار ونصف فقط لاغير؟


-عفوا..هل أنت متأكدة أن بدينار ونصف فقط تستطيعين الوصول إلى إربد وإلى بيتك هناك أيضا ،فأنت لاتعلمين ماذا سيحدث معك

وماذا ستواجهين من صعوبات إثناء السفر وحتى الوصول.


-أخي..أنا حسبتها بالدقة لأني سأسافر على متن الحافلة المضمونة ،بارك الله بك؟

ثم إبتسمت وكشفت عن صف اللؤلؤ من جديد ولم أجد أي وسيلة أخرى لإطالة الوقوف معها فأنا لاأمتلك الدهاء والمكر الذي يمتلكه غيري من الرجال حتى نسيت جميع سيناريوهات الأفلام والروايات الرومنسية ،إشتدت خفقات قلبي ..عجزت عن الكلام ..قالت :


-أرجو أن تعطني  عنوانك لأتمكن من تسديد الدين لك في الغد إن شاء الله؟


لم أقل لها بأني لاأريد منها شيئا كي لا أجرح كرامتها ،بل وأيضا كانت فرصة لي  لاعطائها عنوان عملي القريب من ذلك الشارع وفي نفس التوقيت كي نلتقي وحدنا ،إبتسمت وقالت :


-حسنا ،لقاؤنا في الغد أخي..أشكرك على لطفك؟


إستدارت ومشت كالفراشة وبقي عبقها منتشرا حولي وفي المكان كله ،وبقيت في مكاني حتى نسيت أنا من أين أتيت وإلى أين أنا ذاهب .


(يتبع...)

تيسيرالمغاصبه 

٣-٤-٢٠٢٢


تعليقات

المشاركات الشائعة