عزرائيل: بقلم تيسيرالمغاصبه

 "عزرائيل"

قصة مسلسلة

بقلم :

تيسيرالمغاصبه 

-----------------------------------------

     -٢-

،،كل له ذكريات،،


كان ثائر يعيد شريط ذكرياته وهو في الناقلة الضخمة التي كانت تمر عبر الطريق الصحراوي ببطء من الأغوار الجنوبية إلى العقبة محملة بالأحمال الثقيلة،

وإلى جانبه الشيخ بلال الذي كان مستمرا في أحاديثه وذكرياته أيام الضلالة ،وكلما رأى أن ثائر شارد الذهن كان يضرب بكفه ضربة خفيفة على ركبته كي يخرجه من شروده الذهني ومن ثم يتابع حديثه :


-ههههههههه لكن أكرمني الله كثيرا بعد توبتي في وقت زمني قصير ..سبحان الله ..لما لا أخي ثائر أن التائب من الذنب كأن لاذنب له ..ثم أخي ثائر أن من كان آخر كلامه لاإله إلا الله فقد دخل الجنة؟


-زادك الله من نعيمه.


-آمين يارب؟


أن أخلاق ثائر الحسنة هي فقط رأس ماله ..وهي التي قادته إلى "آيات" ،

عندما رآها لأول مرة فكانت إبنة "أبو حمد" صديقه وزميله في العمل عندما قال له :


-أن إبنتي هدية لك ..لقد أعطيتك أخي ثائر أبنتي  لأنك ستكون خير زوج لأبنتي آيات ؟


-ستكون ثقتك في محلها إن شاء الله.


وعندما رآها لأول مرة قد أحبها من النظرة الأولى  وكانت حبه الأول، 

كان في البداية  يعتقد أن عمرها يناسب عمره ،لكن عند كتابة العقد يتفاجأ بإنها في الخامسة عشرة فقط ،بينما هو كان يفضل أن تكون زوجته في العشرين ،لكن شائت إرادة الله أن يتم الزواج خصوصا أن الفتاة قد أحبته وتعلقت به ،وهو أيضا قد طار بها حبا وشغفا ،

وكانت تلك الأسرة من الأسر التي تزوج الفتيات وهن صغيرات فقد أصر الأب على تزويجها لثائر الشاب الطيب، 

النقي وقال ثائر :


-قبلت هديتك الثمينة وسأكون لها الزوج المحب والأب العطوف والأخ الحامي..وكل شيء تمناه  إن شاء الله؟


رد الأب براحة وطمأنينة:


-هكذا علمي بك أخي ثائر بارك الله بك.


فتم الزواج في قرية الفتاة البعيدة لتبدأ أشهر العسل الجميلة ..الحب والضحك واللهو والسمر ،كما وإنهما يعلمان بأن تلك الأيام لن تطول.

كانت آيات هي حبه الأول وتجربته العاطفية الأولى ،لم يكن له أي علاقات غرامية سابقة أوتجارب مشبوهة، وعندما بلغ الخامسة والثلاثين كانت آيات أجمل وأثمن ماوهبه الله،فعاشا معا كالعشاق اللذان يلتقيان بعد فراق طويل ..لم يتوقع أن تبادله آيات ذلك الحب، بل وأن تتعلق به كل ذلك التعلق، 

ضحكة بلال المرتفعة وصوته الأجش قد قطع عليه شريط ذكريات وهو لايتوقف عن الحديث أبدا :


-ههههههههه والله يااخي ثائر أن هذا ماحدث فعلا ..أستغفر الله العظيم ..وقد كان أصدقائي ومعارفي يطلقون علي صفة مغتصب العذارى ههههههه لأن هذا ماعرفت به ،فكان إنضمامي فيما بعد إلى جماعات إرهابية ،حيث كنا نقوم بأعمال سطو مسلح على المحال التجارية كذلك على البيوت البعيدة الكائنة في القرى ،والعياذ بالله ..وكنا نقتل ونذبح إن لزم الأمر ،وكنت لاأستطيع مقاومة فحولتي ورغبتي فأقول لرفاقي إتركوا لي الفتيات  هههههههه أستغفر الله العظيم ؟


قشعر بدن ثائر وهو يستمع إلى أحاديث بلال وكان يردد دائما:


-أستغفر الله ..أستغفر الله.


-لقد منحني الله فحولة رهيبة لايمكن مقاومتها أبدا؟


-هل أنت متزوج أخي بلال.


-ماذا ..متزوج.. ههههههههه أنا متزوج من خمسة وثلاثين إمرأة ؟


-ياإلهي ..لكن هذا لايجوز شرعا.


-ههههههه بل يجوز ؟


-وكيف ذلك.


-أن لدي فتوة بذلك قد أعطاني إياها أمير في الجماعة  بذلك الوقت ؟


-وماهي تلك  الفتوة .


-أعذرني أخي ثائر لن أستطيع إخبارك بها ..فهي سر لمن يعرفونها فقط؟


بالرغم من أن ثائر لم يقتنع بقوله إلا أنه قال له:


-كما تريد أخي بلال ..لكن خمسة وثلاثين إمراة يحتاجن إلى إنفاق .


-هههههههه بالطبع، أن الله أعطاني الكثير الكثير ولازال يعطيني إبتداء من تلك الناقلة الثمينة ،ولأني أذهب برحلات كثيرة إلى الدول العربية فإن  لي في كل قطر عربي زوجة ؟


-............. .


-ولي عقارات وعمارات وأملاك في كل مكان ،وقد بنيت المساجد في تلك الدول ؟


-جزاك الله خيرا.


يعود الزمن بثائر إلى الوراء من جديد محاولا تذكر إن كان قد إرتكب ذنبا واحدا فقط في حياته أم لا..لكنه لايذكر أنه قد فعل مايغضب الله طوال سنوات عمره،

 ..تركته أمه بعد أن طلبت الطلاق من أبيه وحصلت عليه ،  ثم تزوجت وسافرت مع زوجها إلى إحدى الدول العربية وتركته فريسة لزوجة الأب ،فكان يرى منها أقسى ألوان العذاب والذل والحرمان ،

بدأ في الصلاة وهو إبن سبع ،كذلك في الصيام وعمل الخير ونشأ بعيدا كل البعد عن الحرام،

مات أبوه وعاش وحيدا قلبه معلق بالمساجد، فكان إذا عمل يأكل وإذا لم يعمل يجوع،ولايمكن أن تمتد يده إلى الحرام حتى وهو في أشد حالات الفقروالحاجة ،

بقي هكذا حتى إلتقى بآيات حظه الوحيد من الدنيا،

بعد ذلك تعرض للصدمة والفاجعة الأليمة التي غيرت علاقته بربه وجعلته يترك الصلاة والصيام وكل مايتعلق بالعبادة،

لكنه بالرغم من ذلك كله لم يقرب الحرام أبدا،

(يتبع....)

تيسيرالمغاصبه 

١٤-٤-٢٠٢٢


تعليقات

المشاركات الشائعة