مما كتب رعد الإمارة


 عابر سبيل (وحيدا عند الولادة، ووحيدا حين يكبر) 


١ (الكاذب الكبير)


ضحك الأولاد حتى كاد بعضهم يستلقي على قفاه، حين شدّت جدتي التي يشبه وجهها رغيف الخبز الأسمر ياقة قميصي من الخلف، قلت وأنا الوّح بيدي يمينا وشمالا :

_دعيني، سأختنق ياجدة . أفلتتْ جدتي يدها بعد أن وعدتها بالكف عن اللعب، لكني كنت كاذباً كبيراً، ومازلت!.


٢ (هلوسة)


قالت وهي تطوح بشعرها الأسود للخلف : 

_هل ثمة قرابة بينكما؟. قلت وقد رفعت حاجباً وتركتُ الآخر مستكينا :

_لم أفهم، ماذا تعنين ياحبة الخوخ الحلوة! ؟.

_أعني أنت والقمر، هذا الذي يرمقنا ويبتسم،سبحان الله، بينكما شبه عجيب .  رفعت رأسي للأعلى وقد احمر وجهي مثل بندورة، قالت من خلال ضحكتها الخرقاء :

_لم أعني القمر في السماء، الشاب الذي يجلس خلفك. أنزلت رأسي، ببطء شديد فعلت ذلك، لم التفت للخلف بقدر ما حدقت في المرأة التي تجلس أمامي، كاد مرجل غضبي  ينفجر، لكني تمالكت نفسي، انحنيت بجسدي كله للأمام، أحطت وجهها بكلتا يدي وضغطت بقوة، كاد الرعب يطل من عينيها، عبثا كانت تحاول الأفلات، اخذتْ تتلوى فأطلقتُ سراح خديها، التفتُ للخلف في نوبة غضب عارمة، تبا، لا أحد يجلس إلى الطاولة خلفي! ولا في المقعد الشاغر أمامي، كنت دوما وحدي، وسأبقى!.


٣ (بؤس)


أخيرا عدت من رحلتي التي طالت، حقيبة سفري شبه الخاوية والمعلقة في كتفي لم تكن تحوي الا ملابسي القذرة وشيئا من قطع  البسكويت المملح، طرقت الباب، كانت تلك داري التي خيم عليها البؤس، واصلت الطرق ثم تذكرت أني أعيش لوحدي، وأنه ما من أحد سيفتح الباب ولا واحد في المليون حتى، لكن ما أدهشني وأنا أجذب سلسلة المفاتيح الصدئة من جيبي، أنه ماكان لدي مفاتيح لأني كنت عاريا تماما، أنا والحقيبة التي تنهّدتْ قبل أن تهوي إلى الأرض!.


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد

تعليقات

المشاركات الشائعة