عتمة الحافلة: بقلم تيسير المغاصبه

 ( في عتمة الحافلة)

   الجزء الثالث 

،،قصص،،

بقلم :تيسيرالمغاصبه 

    -١١-

-------------------------------------------------------------

،،، رفيقة مؤقته ،،،


    الفصل الأول 


لم يكن ذلك الموسم  موسم سفر وإجازات ،

كان المسافرون يشكلون ربع المقاعد ..فقط ،في 

الطابق الثاني للحافلة إتخذت موضعي في مقعد

من المقاعد الأربعة الأولى المطلة على الطريق ،

أي أصبحت فوق قائد الحافلة  مباشرة ،

أحب السفر في الليل ..وأحبه أكثر في الشتاء ،

وهذه المرة يصادف سفري في الليل ..وأثناء هطول المطر معا ..يالسعادتي،


لن أفعل أي شيء في تلك الرحلة سوى النظر ..

النظر فقط ،

الهدوء ..والتأمل ..والصمت أكثر ماأحب أيضا في

السفر ،

القلب الخالي من أي نبضات ،أعني نبضات الحب..

فألتي عشقتها في السابق ،لم أعد أعشقها اليوم ..

أبدا ،الزمن تغير ..حتى الصوت المنبعث من 

سماعات الحافلة لم يكن ذلك الغناء الرائع الأصيل،

فانه غناء هابط وأصوات قبيحة،

فقد يكون ذلك النشاز الوحيد في تلك الرحلة ،

وقفت ..نظرت إلى الخلف ..كانت بعض الرؤوس

تتمايل مع الصوت القبيح المنبعث من سماعات 

الحافلة ؛لاعجب فأن الفن الهابط أيضا له جمهوره

الهابط،

الجمال له عشاقه ..والقباحة أيضا لها عشاقها ،

جلست في مكاني ثانية ،نظرت إلى ساعتي ..بقي

خمسة دقائق فقط وتنطلق الحافلة ،الأجواء شبه

مظلمة بسبب إكتظاظ الغيوم السوداء في السماء،

فبدى الغروب ساحرا للناظر،

وضعت سماعة هاتفي في جيب الجاكيت ،كذلك

الهاتف ..لااريد الانعزال عن تلك الأجواء الرائعة، 

حتى لن أقرأ في الكتاب الذي لايفارقني طوال رحلاتي ،لأن الكتاب يأخذني إلى عالم أخر ..عالم

بعيد جدا،خصوصا بعد أن إنهمرت الأمطار بغزارة 

في الخارج وبدأت بطرق النافذة ،

إنحنت إلي قليلا فبدت كالحلم الجميل ،إنسدل 

شعرها الأسود أمامي كالستارة ..لم تكن تضع 

على وجهها أي من المساحيق ولهذا بدا جمالها 

الطبيعي ساحرا ،

همست إلي بصوت رقيق ..خافت محاولة أن 

تزيد من إنوثتها ورقتها بالرغم من إنها ليست 

بحاجة إلى ذلك الابتذال ،فكانت كلما تكلمت أبدأ

إجابتي مرتبكا ب"لماذا؟"


-هل يمكن أن نصبح رفقاء صفر طوال الرحلة فقط

للتحدث والمؤانسة؟


-بكل سرور آنستي تفضلي .


-لكني أرغب بالجلوس على مقعدك انت ؟


ثم إبتسمت وتابعت :


-هل هذا ممكن ؟


-بالطبع ممكن تفضلي.


تقدمت في اللحظة التي وقفت بها  ..بينما كنت 

أعتقد إنها ستنتظر حتى أنهض  وأخرج  إلى الممر 

ومن ثم تجلس هي ،لكنا وبلا قصد تحركنا معا 

وفي نفس الوقت ،تلك الحركة التي تحدث كثيرا 

بلا قصد ،فلامست وجنتي وجنتها الشديدة 

النعومة ،قلت بارتباك :


-آسف ؟


إبتسمت إبتسامتها الأنثوية المفرطة وقالت :


-لاعليك ..انا التي ينبغي عليها الاعتذار.


فأنبعث عبير أنفاسها العطرة لتحرق عنقي فيسري

الخدر في جسدي بأكمله ،

جلست هي على مقعدي لتصبح منزوية في الداخل

بينما انا على المقعد الثاني إلى جانب الممر ،


-أنا إسمي غروب ،وانت مااسمك؟


-أنا إسمي فريد .


-من نظرتي الأولى إليك عرفت بأنك فريد من 

نوعك ؟


-أشكرك على الإطراء ،أما أنا فمن نظرتي الاولي 

إليك عرفت أنك أميرة متوجة على عرش الجمال.


-ههههه مديح راق ،أشكرك..لكن تذكر أنا مجرد 

رفيقة مؤقته في رحلة ستنتهي ومن ثم نفترق ،

لذا لا تبالغ في مغازلتي؟


- أعتذر..لكن هذه هي الحقيقة ،وثم لاضير من 

ذلك.


-لكني لااريد منك بعد إذن أن تعتبرني تجربة عاطفية  صعبة خرجت منها ؟


تفاجأت من كلامها ،وماأدراها بتجاربي السابقة!،

فقلت :


-عفوا ..هل  تعرفينني من قبل  ذلك .


لم تجيبني على سؤالي لكني قلت مطمئنا:


-على أي حال لاعليك  لو حدث ذلك فعلا فأنه في تلك الحالة ستكون مشكلتي انا؟


-إتفقنا.


-اتمنى أن لايأخذ أسمك من الواقع سوى جمال 

الغروب ،والباقي كله شروق .


لم أفهم ردها بسبب صوتها الخافت الرقيق لكني

حاولت الاعتياد عليه ،فقلت :


-هل أنت ذاهبة برحلة عمل أم سياحة؟


-تقريبا سياحة، 


-وحدك ؟


-هههههه نعم وهل نرى معي احد؟


-نعم صحيح.


-وانت؟


-ماذا .


-وحدك؟


-الأن بعد أن إلتقيتك لم أعد وحدي .


-ههههههه أنت شقي جدا.


(يتبع...)

تيسيرالمغاصبه 

٥-٢-٢٠٢٢


تعليقات

المشاركات الشائعة