في عتمة الحافلة: بقلم تيسير المغاصبه

 (في عتمة الحافلة)

   الجزء الثالث 

،،،قصص،،،

بقلم :تيسيرالمغاصبه 

      -١٠-

-------------------------------------------------------------

،،،أكثر رقي منا ،،،

  الفصل الثاني


لم أستطيع أن أسألها عن أسمها بالإشارة ،لكني 

أخرجت من جيبي قلم وكتبت لها على ظهر 

تذكرتي "مااسمك "،

أخذت مني القلم وكتبت على تذكرتي "سوسن"،

هل هي عربية ..لكن إذا كانت عربية فلماذا هي

لاتحدثني بدل من لغة الإشارة تلك ،

كتبت لي هي بدورها "وانت مااسمك "

كتبت لها أسمي وأعجبها اسمي كما أعجبني اسمها

وطالما إنها قد فرضت علي لغة الإشارة  التي 

لاأجيدها أبدا ،فقد إستعنت بالقلم والتذكرة التي 

إمتلأت بالخطوط ،

سألتها عن جنسيتها ..بالقلم والتذكرة !! 

أجابت أيضا بالقلم والتذكرة إنها ..من بلدي ..

شعرت بالحرج من أن أسألها لماذا لا تتحدث إلي 

مباشرة ، كتبت لها "أحب أن أسمع صوتك"

لكني تراجعت وقمت بتظليل العبارة بالقلم حتى

اخفيتها تماما ،

نظرت في وجهي ثم قالت بالإشارة بأن لاأحلق 

وجهي أبدا لأن الحلاقة تضر بالبشرة ،وعلي أن 

أطلق لحيتي أفضل،

حضرت المضيفة الجميلة أيضا ..لكن بالطبع أن 

جمالها لايذكر أبدا مقارنة  بجمال سوسن ،

قدمت لنا كاسات النسكافيه الورقية ..وعندما 

قدمت لها كاستها تفاجأت لكنها أخذتها ،إبتسمت

وشكرتني بأدب راق،

لماذا لاتكون سوسن هي صديقتي الجديدة طالما 

أني لااسافر عبر تلك الحافلة إلا بعد كل صدمة عاطفية كبيرة  ويكون سببها الجنس...اللطيف ،

هي ليست مثيرة ..أقصد أن جمالها ليس جمالا 

صارخا ،لكنها من ذلك النوع من البشر الذي يتعلق

به القلب كتعلق الطفل الصغير،

كتبت لها "أتقبلين صداقتي ؟"

دون أن ترد بالكتابة أشارت إلي بالموافقة وبكل 

سرور ،ثم مدت يدها مصافحة ،

ملمس يدها حرك أحاسيسي ونبض ذلك القلب 

الضعيف من جديد ،بلا شك أن ذلك القلب قد 

تجاوز حدود الصداقة بنبضاته ..خلال لحظة ،

فقبلت يدها الناعمة ..الرقيقة ،إبتسمت ثم سحبت

يدها من يدي ثم قبلتها على نفس موضع قبلتي،

هنا ..نبضات قلبي قد دفعتني للمصارحة أكثر 

فكتبت لها "أنا أحبك وأريد منك أن تبقي معي 

إلى الأبد ؟"

تفاجأت كثيرا من طلبي فأشارت بيدها منبهة بمعنى

"لايمكن..هذا مستحيل !"

ثم أرتني الخاتم الذي يقيد أصبعها عندما وضعت يدها أمام وجهي أي أنها متزوجة ،


*   *   *   *    *   *    *    *    *    *    *    *    *


وصلت الحافلة إلى محطتها الأخيرة ..خرجنا ..

توجهنا إلى صندوق الحقائب ،ماان جذبت حقيبتها

الكبيرة حتى تحطمت عجلاتها..وضعت يدها على 

فمها مصدومة ،أمسكت أنا بحقيبتها وقلت لها 

بمعنى لاعليك ..حملت حقيبتها على ظهري ،

أشارت إلي بمعنى أن الحقيبة ثقيلة  جدا ،رديت بمعنى أن لاتهتم لذلك،


حملت حقيبتي الصغيرة أيضا ..طلبت مني أن 

أعطها لها كي تحملها لي فرفضت..تلفتت ..لم ترى 

أي شخص في الانتظار ،

خرجنا من الشركة ..مشينا لأكثر من نصف ساعة..

حتى وقفت أمامنا عربة وخرج منها شاب وسيم 

أنيق..ملتحي احتضنها  وقبلها بشوق ،

عندما نظر إلي متسائلا  عرفته علي بأني صديقها

طوال الرحلة وقد حملت حقيبتها الثقيلة ،

إبتسم شاكرا ثم أقترب مني وإحتضني وقبلني كما

وأنه يعرفني منذ سنوات ،

وضعنا الحقيبة في صندوق  العربة ،

عرفت إنهما من الصم والبكم أي لايتكلمان ولا 

يسمعان ،وذلك الشاب هو زوجها،

صافحتني وضمت قبضتها لتلكم قبضتي لكمة 

خفيفة "شعار الصداقة"

أعطياني عنوانهما في الفندق وأصرا على أن 

أزورهما ،

لكني لم أذهب .

لم أرد ابدا الدخول في عالمهم 

لأن  عالمهم هو الأجمل والأنقى والأكثر رقي .

من عالمنا .


                   (ستار )


وإلى قصة أخرى 

تيسيرالمغاصبه 

٤-٢-٢٠٢٢


تعليقات

المشاركات الشائعة