في عتمة الحافلة: بقلم تيسير المغاصبة

 (في عتمة الحافلة )

    الجزء الثالث 

،،قصص،،

بقلم :تيسيرالمغاصبه 

       -١٢-

-------------------------------------------------------------

   ،،، رفيقة مؤقته ،،، 


    الفصل الثاني


عتمة الحافلة ،وعدد المسافرين الذي لم يتعدى 

حتى النصف ،وجميعهم قد  تجمعوا في أخر المقاعد ،

وظل الغيوم السوداء ،كل ذلك جعل المكان يبدو

كما وأنه صالة رقص،

قد أطفأت أنوارها لأداء رقصة رومنسية ساخنة،

سألتني السؤال المكرر،نفسه :


-أنت في زيارة أم في عمل أم في سياحة ؟


-لاهذا ولاذاك ،فأنا موظف في بلدي عمان وجئت

في إجازتي السنوية  لتمضيتها عند الحثالة من

أقاربي ههههههه حظي جميل في الدنيا أليس 

كذلك؟


-هههههه تعجبني صراحتك ؟


-لاضرورة لاخفاء أي شيء .


-أما أنا فلست مضطرة لكل ذلك ،فأنا أعيش حياتي

كما يحلو لي ،أعيشها بسعادة.. وحرية في هذا 

العلم الواسع؟


-جميل.


-بالرغم من أن مظهرك وللوهلة الأولى يوحي بأنك

رجل أعمال وماشابه؟


-كان من الممكن أن أكون كذلك ،لو لم تعبث في 

حياتنا الأقدار.


تأملتني أكثر و بجرأة مدهشة ،ثم إبتسمت وقالت:


-هي بالفعل ظالمة؟


-من هي .


-الأقدار؟


-أانت  متزوجة.


-ألم تدرك بعد من خلال حديثي معك ياصديقي بأني عزباء؟


-نعم..الحرية ..والسعادة ،معك حق فالزواج سجن.


-أحسنت؟


-هل الحرية موجودة.


-بكل تأكيد أسوى في عالمنا أو في عالمكم الهزلي  فهي تفرض ولاتمنح؟


-جميل .


-ميرسي؟


-لكن أنت قلت عالمكم وعالمنا ،عفوا وضحي لي 

ماذا تقصدين بقول  عالمكم وعالمنا.


-هههههه بالرغم من شرودك الذهني الواضح إلا 

أنك إستطعت إلتقاط تلك العبارة ...أه ..لاعليك 

أن الوقت القصير لايسمح لي بتوضيح ذلك ؟


-عموما من يعلم فلربما تجمعنا الأقدار ثانية .


-تقصد الأقدار التي وصفتها بالظالمة!!!


-قد تنصفنا هذه المرة.


-أريد أن أسألك سؤالا؟


-تفضلي .


-ماهي قمة الحرية ؟


-أن يولد الإنسان لقيطا ،وعقيما ،وبلا وطن .


-يبدو أنك غاضبا؟


-بل أن هذه هي نتيجة تجاربي في الحياة.


-لكنها فلسفة عميقة ..ومقنعة؟


-مع القناعة التامة بما اقول .


إستمر تجاذب أطراف الحديث بيننا في كل شيء،

وأستمر إلى أكثر من ثلاث ساعات وكان في منتهى

الرقي والصدق والصراحة والتحضر ،

حتى ساد الصمت ..تأملت الظلام في الخارج ،

ماأن إستدرت إليها كانت قد إقتربت مني كثيرا ،

خيل إلي، أو هي الحقيقة لاأعلم ..أني سأستقبل 

قبلة ؛بينما أنفاسها الساخنة تلهب وجنتي ..أن 

ماأذكره هو أنا أصبحنا هناك ..فوق الغيوم وكنت

أراقصها على أجمل المعزوفات ،

قناعاتي بمفهوم الوطن الحقيقي ،هذا إن كان يوجد مصطلح  أسمه الوطن بالمفهوم السائد ..فهو أنت.. أنت وطني الحق،


أنا وأنت فقط ..نفترق ونلتقي ..نلتقي ونفترق ..

ومن ثم نلتقي ثانية والشوق يغمرنا ..المهم أننا 

سنبقى معا ..سأقبلك مئات القبلات ..وأضمك إلى 

صدري بقوة ..وشغف ..حتى تخترقين صدري ، وننسى كل ماحولنا ،

فكري في قناعاتي جيدا فيما لو تحققت  ..فلن يثمر حبنا بغير الحب ..

الحب فقط ..لاثمرة في الأحشاء،

اما كيف جئت فذلك فرضه القدر..فأنا كنت أتمنى لو أني لم اكن ملكا لأحد ،


ليت قناعاتي كانت حقيقة ..لاأماني،

لاشروط ..لاقوانين ..لافوق الجميع ..ولا تحت 

الجميع ..لاسيف فوق الرؤوس..لاجبان لاقوي،

لادول عظمى ،لادول فقيرة ،


الإنارة أمام شركة النقل التابعة للحافلة ونهوض 

المسافرين وتجولهم بين المقاعد لم يكن كافيا لأعلم أن الحافلة قد وصلت إلى محطتها الأخيرة،

إلتفت  ..وقبل أن اقل لها "حمدا لله على السلامة"

تفاجأت  بإنها ليست على مقعدها ..كيف 

خرجت من ذلك المكان الضيق المحصور إلى 

جانب النافذة ..فهي لاتستطيع الخروج دون أن 

أخرج انا أولا لتتمكن هي من الخروج،

كيف حدث ذلك !!

حضرت المضيفة وسألتني :


-لم يبق غيرك، هل أنت بخير :


-نعم..بخير ..لكن أين الفتاة التي كانت تجلس إلى 

جانبي هنا ؟


لكنها نظرت إلي بدهشة وقالت:


-لم يكن هنا أي فتاة ياأستاذ..أنت هنا وحدك !!؟


-غير ممكن لقد  كانت هنا إلى جانبي وأسمها غروب .


 -أنت وأهم أستاذ ..لابد أنك كنت تحلم ،ياإلهي

ماهذا الاحمرار الذي ظهر على وجنتك ..لم يكن

قبل ذلك؟


لمست وجهي الذي كان ساخنا ..تركت المضيفة 

وخرجت ..نزلت من الحافلة ..تلفت حولي ..

بحثت عنها حول الحافلة وفي داخل مكاتب 

الشركة ولم أعثر لها على أي اثر ،

ذهبت إلى الموظفة المسؤولة عن تحديد قائمة 

المسافرين ،سألتها عن غروب وأعطيتها اوصافها ،

قامت بمراجعة الأسماء على الكمبيوتر وقالت :


-عفوا استاذ لايوجد أي فتاة بهذا الاسم وتلك 

المواصفات ؟


لمحت خطوطا بقلم الحبر على ظهر يدي ،قراتها كانت تقول فيها:

"تذكر  إتفاقنا منذ البداية ياعزيزي "

نعم ..الأن وضحت الحقيقة ياغروب  وفهمت ماذا

تقصدين بقول  "عالمكم وعالمنا "


               (ستاره.....)

وإلى قصة أخرى 

تيسيرالمغاصبه 

٦-٢-٢٠٢٢


تعليقات

المشاركات الشائعة