مما كتب رعد الإمارة

 من يوميات رجل مغرور 


١(في الحافلة) 


كانت تمسك بيدها البضة حافة المقعد، أرغمتُ فمي المزموم أصلاً على رسم ابتسامة مزيفة، قلت :

_هل تسمحين؟. قالت وعيناها تبرقان في وجهي :

_طبعا لا أسمح!.

_هل لي أن أعرف السبب، لو كان ثمة سبب . قلت ذلك وأنا اداري خجلي خلف ابتسامة أشدُّ زيفاً من الأولى، ردّت وقد اشتدّتْ قبضتها على حافة المقعد، لكنها تنهدتْ قبل ذلك :

_أنا حرة، لن تجلس بجانبي. قبل أن أرفع يدي احتجاجاً ، قالت:

_هذا لأنك حلو أكثر من اللازم. ثم أخذتْ تهزُّ رأسها الملعونة يمنة ويسرة، مثل بندول الساعة.

 


٢ (حيرة) 


في بيت الجيران المحاذي لدارنا، ثمة نافذة تطل منها بنت شقية، ما أن تلمح خيالي حتى تبدأ في ارسال قبلاتها، تفعل ذلك بأسرع من البرق، وكأن الرب العزيز لم يخلق رجلاً فاتنا غيري، في البداية كنت أشعر بخجل شديد، لكن مع مرور الوقت تعودت الأمر، العجيب ماحدث لاحقاً، فأمها أيضاً بدأتْ بأرسال قبلات كثيرة لي، ولظلي أيضاً ! هذا التصرّف من ذوات العاطفة المشبوبة أزعجني، إذ ماعدتُ أميّزُ قبلات البنت، من قبلات الأم!.

 


٣ (قمر مدهوس) 


ما كدت أهمُّ بعبور الشارع وأنا في حالة شرود ، حتى أوشكتْ سيارة مسرعة أن تصدمني، تَسمرتُ في مكاني وقد اصفرَّ وجهي، أخذ قلبي يدوي كطبل في غابة، واشتدَّ حين وقفتْ بالقرب مني صاحبة العربة، قالت وهي تشهق في وجهي وقد أصابها الذهول :

_ تباً لي بل ألف تباً، هل حقاً كدتُ أدهس القمر!.

 


٤  (كاظم الساهر ) 


كنت عائداً من عملي، مرهقاً ومتعباً حد الدهشة، تفاجأتُ برتل بنات الإعدادية الذي قطع عليَّ الدرب، قالت أحداهن، بل أجملهن :

_هل تسمح لنا بصورة مشتركة؟ نحن عاشقات لكاظم الساهر !. كدتُ أشرق بضحكتي وأنا ارتدُّ للخلف، قلت وقد تبخرَ الأرهاق عن رأسي :

_وماشأني بالساهر هذا. ردّتْ بنت من الخلف :

_ياه، يابنات، انظرن، ما أشدُّ تواضعه. رَفعتْ البنت الأولى هاتفها للأعلى، تشبثتْ واحدة بذراعي، وأخرى وضعتْ يدها على كتفي، فيما قَفزتْ واحدة لتجلس القرفصاء عند قدمي، طق، وايقظتني أمي، لتعلن نهاية واحد من أحلامي العديدات. 


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة