مأساة ابو رتاج: بقلم ابو لقمان الناسك

 مأساة أبو رتاج

*************


لا يتزامن توقيتها طيلة أيام الاسبوع مع توقيت زميلتها، الأستاذة نسرين مدرسة اللغة العربية، التي تصحبها معها في سيارتها إلى الثانوية. ما اضطرها اليوم إلى انتظار سيارة الأجرة في نفس المكان، أمام الصيدلية بحي " بني محمد " بمدينة مكناس، و التي لا تبعد عن أقواس المدخل الرسمي للحي، و التي يعود تاريخها لحقبة السلطان المولى اسماعيل، بأكثر من عشرة أمتار. كان رجلا في الاربعينيات من العمر جالسا على عتبة الصيدلية، تكفلت ملامحه بكتابة سيرته الذاتية، أما ملابسه فهي خير من يدلك عن وضعه المادي، الهاتف الذي أخرجه من معطفه، معطفه الذي يكبره بعدة مقاسات، ليرد على اتصال وارد، هو كذلك يصرخ بل يئن من حال صاحبه. و هو يرد على المتصل بصوت عال نسبيا، عرفت هيام أستاذة الإنجليزية من خلال كلامه بأن المتحدث من الطرف الآخر أمه، عندما قال لها يا أمي ليس لدي نقود؛ أول أمس أعطيتك ثلاثين درهما، وأنا على باب الصيدلية منذ السابعة و النصف صباحا، لأن رتاج ابنتي حرارتها مرتفعة طيلة الليل، وليس لدي ما اشتري به الدواء من صيدلية الحراسة، ما اضطرني إلى الانتظار حتى الصباح، لأقصد هذه الصيدلانية التي أعرف أنها لن تردني بدون دواء، إلى أن احضر لها النقود نهاية الشهر. أخبريني عن حال أبي هل رائحته كريهة؛؟ -لا- الحمد لله ، يوم السبت إن شاء الله سآتي لأصحبه للحمام وأعتني به. 

في هذه الأثناء و من غير المتوقع وصلت الأستاذة نسرين قبل نهاية المكالمة، نادت على زميلتها هيام التي كانت مصدومة، جراء ما وصل إلى مسامعها، ما جعل قصة الشاب العجوز تتوقف هنا. ليبدأ الحوار الذاتي و الصراع الداخلي، بسيناريوهات متعددة لا حصر لها. استغربت نسرين  صمت زميلتها، وحالة الذهول البادية عليها، طال الصمت الغير المعهود نصف الساعة التي تستغرقها المسافة بين نقطة الانطلاق وباب المؤسسة. في المرآب عندما همت هيام بالنزول استوقفتها زميلها بمسك ذراعها: ما خطبك  عزيزتي؟ ردت عليها: ليس الآن عند الاستراحة نلتقي في قاعة الاساتذة، و أقص عليك سبب صدمتي والذهول الذي أصابني وجعلني أغفل مساعدة الشاب بما تيسر، لكن الحمد لله الآوان لم يفت بعد، لأني أعرف الصيدلانية معرفة شخصية 

سأتواصل معها و ليكن خيرا بإذن الله. 


2022/02/16

أبو لقمان الناســك


تعليقات

‏قال Unknown
سرد دقيق يعكس جمال روح صاحبه

المشاركات الشائعة