كارمن نهاية القسم الأول: بقلم رعد الإمارة

 قصة (كارمن أو غرام في سوريا) نهاية القسم الأول 


كانت تتقلب ذات اليمين وذات الشمال، حتى أنها ماعادت تغفو بسهولة ، وأن فعلت فحتى تحلم بجلال، وبجلال فقط!. رن هاتفها في وقت مبكر من الصباح، مدت يدها بكسل، يدها الملقاة إلى جانبها:

_أوه، جلال. أصغت كارمن وقد اندفع الدم إلى وجنتيها ،لحظات ثم تغيرت ملامح وجهها وهي تدفع بوسادتها للخلف، تنهدت بعمق، أرخت يدها القابضة على الموبايل، لم تقل غير كلمة واحدة :

_حسناً، مع السلامة . ظلت مغمضة العينين، فكرت بأن تعود للنوم مجدداً ، ستنسى جلال ربما لساعات، مازال صدى صوته يرن في أذنيها وهو يقرأ لها إحدى قصصه، كان يتوقف عند بعض العبارات ثم يرفع عينيه ليرى مدى تأثير الكلمات ، عيناه العميقتان، تباً لهما ، هكذا تمتمت قبل أن تعاود النهوض، ألقت نظرة على نفسها في المرآة، دارت دورة واحدة ثم تسمرت في مكانها، هالها الأنتفاخ الطفيف تحت العينين ، حدقت مطولاً حتى كادت تلصق عينيها في الزجاج :

_ليلة أخرى من الأرق وسيبرز الأنتفاخ، أكثر وأكثر.  قبل أن تخرج رتبت سريرها، فعلت ذلك بصورة آلية، وجدت نفسها وقد القى عليها الخمول بعباءته :

_طيب مادام جلال لن يحضر للكافيه اليوم، حسناً، سنلقي نظرة على الزهور أولاً.  قضت كارمن وقتاً لابأس به في العناية بأزهارها، أسعدها منظر البراعم المتفتحة الجديدة، وجدت نفسها تغرق شيئاً فشيئاً في العمل، لم تنتبه لنداء شقيقتها المتكرر، حتى أنها سألت نفسها فيما بعد، وهي تنظر باعجاب لما قامت به، إن كانت شقيقتها الكبرى ماتزال تغط في النوم !.  

_أوه، ظننتك نائمة. هكذا قالت الكارميلا لشقيقتها وهي تحيط بكتفها من الخلف، أدارت شقيقتها رأسها صوب كارمن ثم ضيقت مابين حاجبيها، مر ظل طفيف من الغضب على ملامح وجهها لكنها سرعان ما أبتسمت حين قبلتها كارمن في خدها :

_ناديتك مراراً وتكراراً، لاتقولي أنكِ لم تسمعي. 

_هل فعلتِ ذلك حقاً، آه، كنت مستغرقة. 

_حسنا، اتركيني الآن، سأحضر لك الفطور هناك. أشارت شقيقتها  بحاجبها صوب الكراسي التي صفت بالخلف بطريقة تنم عن الذوق في الترتيب، قالت فيما كانت كارمن ترمي بجسدها على أحد المقاعد :

_لم تخرجي هذا اليوم! هل أنتِ مريضة؟. هزّتْ كارمن رأسها ببطء ثم تذكرت جلال، تنهدت وأخذت تعبث في طلاء أظافرها، قالت فجأة :

_مارأيك بالحب؟. 

_أوه. استدارت شقيقة كارمن الكبرى حول نفسها، أخذت تحدق في ذقن كارميلا الذي كاد يلامس صدرها، تقدمت للأمام بعد أن جففت يديها في مئزرها، أحاطت بعنقها ثم انحنت وهي تطبع قبلة طويلة على رأسها، لم تنبس بحرف، جذبت ذراعها بلطف بعد أن رفعت ذقنها، انقادت كارمن بسهولة حتى أنها ماعادت تفكر بالأعتراض، رفعت كارمن يدها في وجه الشمس، أدركت بأنها كانت تبكي، أدهشها أنها فعلت ذلك بصمت، إنها حقاً كانت تبكي وإلا من أين أتت كل هذه الدموع التي جفت على وجنتيها! أفلتت شقيقتها يدها ، راحت تراقبها كيف جذبت مقعدين، ثم دعتها للجلوس برفق بعد أن أحاطت بكتفها، قالت :

_كارميلا! لابأس، ارفعي وجهك الحلو هذا، مضت فترة طويلة منذ أن تحدثنا بهذه الأمور. شعرت كارمن براحة عجيبة، أدركت وهي تداعب أوراق الورد أي شقيقة رائعة وهبها الله، هذه المرة سمعت أسمها بوضوح حين نادتها شقيقتها، وجدتها تدفع بها للداخل، أدهشها حين اوقفتها بجانب سريرها، راحت تحدق للثوب السمائي المصفف بعناية على سريرها ، لاتدري لما تضرج وجهها فجأة، استدارت صوب شقيقتها، كانت هذه الأخيرة قد شبكت كلتا يديها على صدرها، قالت :

_أنه ثوب السندريلا، يليق بك حبيبتي، أتخيل منذ الآن دهشة جلال حين يرى ذلك، وصف المعجبين، حتماً سيصاب الجميع بالدهشة. وجدت كارمن يديها تحيطان بعنق شقيقتها، قالت هذه الأخيرة فيما كانت كارمن تواصل الضحك:

_اتركي شعري، علي أن أعيد تسريحه مرة أخرى. كارمن جذبت شقيقتها واوقفتها أمام المرآة، أمسكت بالمشط ثم قالت :

_دعيني أسرّح شعرك، ستكونين أحلى أميرة. مدت كارمن عنقها الجميل قليلاً للأمام، يا إلهي، كان جلال يقف عند بوابة الكافيه الزجاجية، ما أن ابصرها حتى رمى بعقب السيجارة وأخذ يهبط درجات السلم الرخامية، كان مبهوراً وهو يقف أمامها، تضرج وجه كارمن، بحثت عن أبتسامتها المعروفة لكنها لم تجد إلا ظلاً منها، جلال شعر بأنها مرتبكة فعلاً، لذا أبعد عن ذهنه فكرة الإمساك بيدها، أفرد كفه ودعاها بلطف، لكنه لم يمنع نفسه بأن يهمس لها :

_أنتِ جميلة، قلبي الصغير لن يتحمل. أخذت كارمن تسير خلفه، أضحكها منظره وهو يكاد يقفز عن البلاطات مثل شاب في العشرين، انحنى النادل لهما بلطف، رمقته كارمن بطرف عينها، أوه، وجهه مازال يحمر كما في كل مرة. وجدت الأزهار التي تحبها تكاد تملأ طاولتها المفضلة، جلال وهو ينفض الغبار عن مقعدها بمنديل كان معه قال :

_لابد أن أكون صارماً جداً مع الذين يحدقون فيك، قد الكم بعضهم، هكذا. أخفت بيدها ضحكتها وهي تحدق في يدي جلال، كان فاتناً فعلاً وهو يلكم الهواء، قالت :

_لم أنم البارحة، مازلت أشعر بالنعاس. كف جلال عن لكم الهواء، جذب مقعداً بجانبها، مس كتفها برفق، كارمن شعرت بأنها يجب أن تغفو الآن، لمسته كانت حانية، قال جلال :

_عزيزتي، هل أنتِ مريضة، انظري لي، نعم، يا لجمال هاتين العينين، ما اوسعهما!. لم تبالي كارمن بوجهها المتضرج بالحمرة، هي تنهدت قبل أن تهبط يدها على الطاولة :

_كنت أفكر بك، فعلت ذلك كثيراً، ثم جاء اعتذارك بعدم الحضور، وجدت نفسي تائهة، تخيل أني أصبحت صمّاء، بالكاد أسمع صوت شقيقتي. حاولت كارمن أن تضحك بخفوت لكن يدها أرتعدت حين حاولت أن ترفعها، تنهد جلال، شعر بأنه من غير اللائق التدخين أمامها الآن، وضع يده فوق يدها، ضحك وهو يفعل ذلك، قالت كارمن :

_لاتضحك، ولاتغب عني مرة أخرى، عدني بذلك! هيا.

_حبيبتي، لم أضحك بسبب ما أعتراكِ من أرق، انظري، يدك الحلوة أخفتها كفي الكبيرة.

_آه، صحيح، أين يدي؟ !. قالت كارمن ذلك ثم ضحكت دون أن تخفي فمها هذه المرة.( ملاحظة :واضح أن القصة هذه أصبحت رواية قصيرة، الكاتب سيتوقف هنا ريثما تتجمع أفكار جديدة في ذهنه) 


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة