قلوب بيضاء: بقلم تيسير مغاصبه

 (قلوب بيضاء )

قصة مسلسلة

بقلم:تيسيرمغاصبه 

-----------------------------------------------------------

    -٢٠- 

الفصل الأخير 


،،،نزف،،،


كثيرا ماترتبط القلوب ببعضها..بكل شيء ..بالحب..

والمشاعر ..والأحاسيس..وحتى...في الموت،

لأن القلوب لا ترضى بالفراق فتلحق ببعضها،

واجمل مثال على ذلك هو عبد الحميد وفاطمه، 

شهر واحد فقط مر على رحيل عبد الحميد، 

حتى تلحق به فاطمة..تلحق به إلى هناك ..

إلى مكان آمن بعيد عن الهموم و المعاناة .


*    *    *    *     *     *     *     *     *     *     *


بعد رحيل الأم ولحتى إنتهاء اربعينها كان الدكتور

أمين مواضبا على زيارة بنات أخته ليقدم لهن 

المواساة ويخفف عنهن ألم الفراق والحزن ..

لكن ...

بعد ذلك وجد نفسه دائما يجلس وحيدا في 

الصالة بينما بنات أخته في غرفهن كما وأنه 

غير موجود ابدا ،

فكان وجوده وعدمه سيان عندهن فقرر 

ان يقطع زياراته وأن يعود إلى منزله وعيادته،


*     *     *     *     *     *     *     *     *      *


اما البنات وبعد مغادرة خالهن أمين وقطع 

زياراته، كانن كما وأنهن ينتظرن ذلك فقامن 

بأفراغ الصالة من الأثاث كالكنبايات وطاولة

السفرة ومقاعدها وكل شيء ووضعن ذلك 

كله في غرفة الخزين،

واصبحت صالة الجلوس واسعة جدا ولا يوجد

فيها سوى البيانو في زاويته البعيدة المظلمة،

وثريا ضخمة تتدلى من السقف ،

وعادن إلى غرفهن. 


*     *      *     *     *     *     *      *    *      *


كانت سناء تمضي نهارها في النوم ..وما أن 

يحل الظلام حتى تجلس في الشرفة المطلة 

على فيلا سهل المضيئة بأكملها من الداخل 

والخارج ،وتبقى في الشرفة حتى الصباح ..

وكانت تتساءل بينها وبين نفسها ..هل ظلمت

سهل ولم تقدر وضعه الصحي كإنسان يعتبر

طبيا إنسان مريض ..أم هو الذي ظلمها عندما

اوهمها بأنه يحبها..هل كان يجب أن تستمر 

معه حتى النهاية ..لكن تدخل خالها قد أفسد

عليها كل شيء،

لماذا تنقم على إنسان أحب عائلته بإخلاص،

لكنه لم يحبها هي بل أراد أن يتذكر زوجته 

سوسن من خلال صوتها ،

وتستمر التساؤلات حتى الصباح وتكون قد 

شعرت بالصداع والخمول والإرهاق الشديد 

فتذهب إلى غرفتها وتنام .

متناسية مكتبتها التي تحتوي على عشرات 

المحاضرات في علم النفس وعدة مؤلفات 

في كتب ورقية بعلم النفس كل ذلك من 

تأليفها. 


*    *     *     *    *  *    *    *    *    *    *    *


أما دلال ..

فقد حولت الصالة إلى مرسم للوحاتها..وقد 

حقدت ونقمت على جنس الرجال جميعهم 

بلا إستثناء أحد منهم، 

وذلك كله عبرت عنه في لوحاتها..وكان للوحاتها 

فكرة واحدة،  هي إضطهاد المرأة منذ الأزل 

وظلمها، 

كانت لوحاتها عن تعذيب المرأة وإذلالها من

بداية الخليقة..حتى الحمل والولادة والمخاض 

كل ذلك إعتبرته ظلم للمرأة وظهر في لوحاتها..

إمراة حامل جسدها ممزق ..نساء أجسادهن 

مترهلة..نساء ينزفن الدماء من كامل اجسادهن..

أسد له رأس رجل يقوم بافتراس فتاة،

رجل ينفث اللهب على مجموعة نساء 

يشتعلن بالنار، 

نساء متدليات من شعورهن..أخطابوط له رأس 

رجل يكبل ثمانية نساء بقوائمة الثمانية.


*     *     *    *    *   *    *    *    *    *   *    *


سماح...

تفجرت فيها الأحاسيس كالبركان ،وعكفت على 

تاليف المقطوعات الموسيقية والعزف على 

البيانو طوال اليوم ،

كانت تبدأ العزف بمقطوعاتها القديمة..ومقطوعات

قدمها لها زوجها مثقال هدايا ..وأصبحت 

كالنهر المتدفق والذي لايجف أبدا ،

فتكتب النوتة وتحفظ مقطوعاتها وتسهر 

وتؤلف دون توقف.


*    *    *    *     *    *    *    *     *     *     *


أما سهام ..

فأستمرت بجلوسها في غرفتها لاتخرج منها

أبدا ،وقد تفجرت بداخلها موهبة الشعر فجأة..

وكانت اشعارها جميعها عن فراق الحبيب ..

وكانت دموعها لاتجف أبدا عن وجنتيها،

وكانت تتساءل بينها وبين نفسها..لماذا تبكي..

هل كانت تحب لؤي ..أم أن ذلك مجرد 

تأنيب ضمير ،

فكانت عندما تقف على نافذتها تراه يقف تحت

المطر  وبيده باقة أزهار..وتتمنى لو أن يعود 

الزمن إلى الوراء لتفعل له إشارة الحب بيديها..

بل لتخرج إليه وتحتضنه أمام الجميع، 

وعندما تتوجه إلى الصالة كانت تراه جالس على

المقعد إلى جانب الموقد،

بل وإذا نظرت في مرآتها كانت تراه هو ينظر 

إليها بوجهه الطفولي،

أقفلت بروفايلها الذي كانت تستعرض فيه جمالها

وفتحت حساب آخر  ووضعت صورتها الشخصية 

وهي تتلثم بالكوفية الاردنية الحمراء حتى

لايكتشف أحد شخصيتها وأصبح أسمها 

" العاشقة الملثمة" 

وقد هزت الفيس بوك بقصائدها المؤثرة..وكسبت

 ملاييين المتابعين لها .


*    *    *    *     *    *     *      *     *     *     *


ياترى ...

هل نحن الذين ظلمنا الحب ..

ام الحب هو الذي ظلمنا..


*    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *


من بعيد تظهر فيلا عبد الحميد ..الفيلا التي 

تضج بارقى أنواع الفنون والفكر ،

الفنون التي تفجرت من بركان العذاب والحزن 

والفراق ،

وفي بلدنا الكثير الكثير من المواهب والفنون 

المدفونة والتي لا احد يعلم عنها شيئا، 


وبالقرب من الفيلا يوجد فيلا أخرى ..

فيلا مضيئة في الليل كالباخرة في عرض 

البحر ،


وفلل  أخرى كثيرة ..

فلل متناثرة هنا وهناك لا نعلم ماذا يجري 

بداخلها..ومن هم سكانها...

وكما يقال "للبيوت أسرار"


*    *    *    *    *     *     *    *     *    *      *

وهكذا أختم قصتي ...

إنتظروني في قصة أخرى 

حالما أستعيد أنفاسي 

المختنقة. 


( تمت ألقصة )

تيسيرمغاصبه 

في ٢-١٢-٢٠٢١

الساعة الثامنة والدقيقة 

"٥٣"صباحا


تعليقات

المشاركات الشائعة