قلوب بيضاء: بقلم تيسير مغاصبه

 (قلوب بيضاء)

قصة مسلسلة 

بقلم :تيسيرمغاصبه 

------------------------------------------------------------

     -١٩-

،،وحدة،،،


تذكرت فاطمة  عبارتها التي قالتها لزوجها 

ورفيق دربها وهي تودعه في عربة الاسعاف:

"لاتخاف مابتأخر عليك حبيبي "

وهي تعلم أنها بالفعل لن تتأخر عليه ،حيث 

أنها كانت تعني ما تقول، 

نعم أن العبارة لم تأتي من فراغ ..كانت وهي 

جالسة على مقعدها الذي كان إلى جانب مقعد

زوجها منذ بناء تلك الفيلا ،

كانت تنظر إلى صورته المعلقة على الجدار في 

مواجهتها تماما تردد نفس العبارة،وذلك قبل 

أن تضطر للانتقال إلى جانب الموقد لتأخذ 

مكانها هناك تنظر إلى سنن النار ،

تلف نفسها بغطاء دافء وتستند إلى الوراء 

على المقعد الهزاز المريح ،

فقد بدأت تشعر بالبرودة الشديدة حتى في 

الأيام المشمسة..تعاني من البرودة والقشعريرة 

والصداع ،

فهي تؤخر الأقراص المنومة إلى الليل كي 

لا يسمع أنينها وتتمكن من النوم ،

كانت تتمنى لو أن الزمن يعود إلى الوراء 

لتعود صديقة لبناتها الأربعة..عندما كانت 

تنتقل من غرفة إلى أخرى كي يبوحن لها

بأسرارهن ومشاكلهن ويأخذن منها النصح 

كما وأنها الأخت الكبيرة ،

اليوم كل واحدة منهن تسجن نفسها في 

غرفتها وتغلق بابها على نفسها من الداخل 

وكادت الفيلا أن تتحول إلى  بيت للأشباح 

لولا سماعها أحيانا صوت البيانو  المنبعث 

من أخر زاوية في الصالة..الزاوية المظلمة،

فهناك تجلس سماح احيانا لتعزف بعض 

المعزوفات  ،فتنهض بصمت بعد ذلك تسير

من وسط الصالة متجهة إلى غرفتها وهي 

شاردة الذهن دون أن تلقي حتى التحية على

أمها ..فتردد فاطمة بينها وبين نفسها:

"لما راح الحبيب إتغير بعده كل إشي  حتى 

بطل في طعم ولانكهة لأي إشي"

مع مرور الأيام بدأ جسد فاطمة يهزل ولونها

يصفر ..وبدأت الوردة بالذبول..وغابت 

إبتسامتها الجميلة،

ولم تلاحظ أي واحدة منهن ذلك ..لم تعد أي

واحدة منهن حريصة على إبتسامتها..لم 

تتقدم أي منهن لتسقي الوردة الماء لتورد 

ويزهو لونها وتتفتح من جديد،

لقد تغير كل روتين البيت ..الصباح ..المساء ..

وأصبحت الأيام طويلة ومملة على فاطمة..

لم تتقدم أي منهن لتلقي عليها تحية الصباح 

وتقبل وجنتها بعد أن تتغزل بها كالماضي..

بل لم يقبلن راسها ايضا،

خليت مائدة السفرة من البنات الأربعة بعد 

رحيل الأب..فكانت كل واحدة تتناول طعامها

 وحدها في غرفتها..ولم تسألها أي 

واحدة منهن إن هي تناولت طعامها أم لا ،

نهضت فاطمة بأعياء شديد..تركت الغطاء على

المقعد ..توجهت إلى غرفتها..أخرجت المسكنات 

من تحت وسادتها..إبتلعت من كل علبة قرص

واحد ..عادت ببطء شديد محاولة أن تعود إلى

مكانها على المقعد امام الموقد ..وكأنها تحرس 

بناتها حتى يحين موعد النوم ..فتبدو كعجوز

في السبعين من عمرها،

تحاول دائما أن لايرتفع صوت انينها..جلست 

على المقعد بأعياء شديد ..بعد أن لفت حولها

الغطاء جيدا  ..ضمت نفسها به فبدت شديدة

النحول وبدأت ترتجف بالرغم من توهج نار

الموقد،

تذكرت زيارتها الأولى والأخيرة إلى المستشفى

بعد أن بدأت تشعر بأعراض المرض عندما 

واجهها الطبيب بالحقيقة الصادمة :

"مع الأسف ..والأسف الشديد ست فاطمه 

أنت تأخرتي كثير واهملت نفسك بهذا الشأن ..

والخلايا الخبيثة أصبحت منتشرة في جسدك 

باكمله؟"

-...............................

-بتحبي تتعالجي في الخارج وللا هون عنا ؟

-يادكتور ما أنت بتقول أنه الخلايا منتشره 

شو بدي استفيد من العلاج ماهي النتيجة 

وحده؟

-شو بتقصدي ست فاطمه؟

-بقصد إني مابدي اتعالج لأنه فات الأوان..لكن 

بكفي إني أظلني على المسكنات والمنوم .

إبتسمت فاطمة وهي تكرر ما قالته لزوجها:

"لاتخاف مابتأخر عليك حبيبي"

ثم أسندت رأسها إلى الخلف واغمضت عينيها

لتذهب في غيبوبة طويلة، 


*     *     *     *     *    *    *    *     *    *     *


 يزور  اخيها الدكتور أمين الأسرة بالصدفة

ويكتشف أن أخته في غيبوبة، 

تنقل إلى المستشفى  وهناك يعلم الجميع 

بحقيقة مرضها،

...وتلحق  فاطمة بزوجها في نفس اليوم .


(يتبع....)

تيسيرمغاصبه 

١-١٢-٢٠٢١


تعليقات

المشاركات الشائعة