قصتان قصيرتان: بقلم رعد الإمارة

 قصتان قصيرتان 


١  أسرع من البرق 


 زوجتي كانت من النوع الغيور جدا،ومزاجي هذا الصباح كان رائقا جدا ، فكرتُ بأن أمزح قليلاً قبل التوجه لعملي، كانت تعدُّ الفطور وهي تتمايل، وتحاول عبثا محاكاة صوت فيروز الحلو ، قلت وأنا أقف خلفها :

_حبيبتي؟. نعم، قالت ذلك ثم واصلتْ الدندنة، قلت وأنا أكتم في داخلي ضحكة مشاكسة كادتْ تفلت مني :

_آسف، لكن عليَّ أن أعترف، فضميري يوبخني. لا أعرف كيف استدارتْ ، لكنها فعلتْ ذلك بسرعة، رفعت حاجبيها لأبعد مدى، قلت :

_الأمر ببساطة أني خنتك،  فعلتُ ذلك بالأمس، لم أفكّر...!. لم تمنحني فرصة الأستمرار بالكذب ولاحتى اطلاق ضحكتي المحبوسة، كانت يدها وهي تدفعُ بالسكّين عميقا في أحشائي أسرع من البرق، العجيب أن الدهشة التي ارتسمتْ على ملامح وجهي كانت أكبر من كمية الدماء، التي أخذتْ تسيل بصورة مملّة على أرضية المطبخ، والمصقولة حديثاً!.(تمت)


٢  تلميذ فاشل 


لم يكن مساءً مشبعاً بالنسيم البارد، فرطوبة الجو جعلتني بالكاد اتنفّس، كنت قد وعدتُ حبيبتي بالحضور، تشبثتُ بحافة السور الذي يطلُّ على سطح بيتهم، كان الأتفاق أن أنزوي مثل جرذ في إحدى زوايا السطح حيث تتكدّس الأنقاض، ما أن وضعتُ ساقي حتى شَعرتُ بمن يسندني من الخلف، قلت:

_تباً لكِ ولمواعيدكْ، نوبة الربو هذه تكاد تخنقني. لم أسمع إلا دمدمة صاحبها فحيحٌ غريب، حين التفتُ كان أبيها الفارع الطول يقف أمامي وقد اشتعلتْ عيناه غضباً، قال وهو يدفع بي للخلف حتى الصقني بالسور :

_قبل أن أحطّم رأسك ياولد، أريد تفسيراً لكل هذا، تكلّم يا حيوان!. لم يكن ثمة ريق ابتلعه، كل ماحولي أصبح جافاً، قلت وأنا أتصنّع الدهشة :

_ياربي العزيز، أين أنا؟ هذه أعجوبة حقاً، كيف وصلتُ إلى هنا، لقد كنت نائماً مثل ملاكٌ طيب. جذبني الرجل الفارع نحوه، بأن أمسك بشعري من الخلف، قال وهو يتنفّس في وجهي :

_تعني أنك كنت تحلم، هل هذا ماتحاول اقناعي به؟ حلم ها، سنرى ما سيقول أباك بشأن ذلك. ما أن سمعتُ بأسم أبي، حتى تهاوى جسدي بين يديه، وانبثق الدمع، قلت وأنا أنشج كما لم أفعل من قبل :

_ أبي يعرف، بل كل المنطقة تعرف أني أسير في أغلب الوقت أثناء نومي، الا تعرف أنتَ بذلك يا سيدي، ألم يصل لك خبر بشأن ذلك وأنتَ جارنا وصديق أبي المفضّل؟ . وجدتُ الرجل يحملق بي رغم الظلام، تراختْ اصابعه وافلت رأسي، قال :

_لا حول ولا قوة الا بالله، طيّب سأتغاضى عن الأمر هذه المرة، هيا تسلّق وعُدْ من حيث أتيت ، سأتخيل انك مازلت نائماً وأنتَ تفعل ذلك!. أخذ جارنا يراقبني بدقة حين نشرت ذراعي الأثنتين للأمام، رفعتهما بصورة آلية وأخذتُ أتشبثُ بحافة السور، سمعته يهمس :

_ولدٌ ملعون، ملعون. بالكاد كتمتُ ضحكة كبيرة كادتْ تفلتُ مني، ما أن أصبحتُ في أعلى السور حتى استدرتُ صوبه وأنا شبه مغمض العينين، وعندها انطلقتْ الضحكة من فمي ومعها انطلقتْ يد الجار الشبيهة بالمطرقة، وجدتُ نفسي اتلوى على بلاط سطحنا، كلفتني ضحكتي الغبية ثلاثة أشهر قضيتها بساقٍ مجبورة ، لكني لم أتعلم الدرس، ومازلت أسعى . (تمت) 


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة