قلوب بيضاء: بقلم تيسير مغاصبه

 (قلوب بيضاء )

قصة مسلسلة
بقلم :تيسيرمغاصبه
-------------------------------------------------------------
    -١٥-
،،،صحوة،،،

بعد رؤية لؤي واقع في مستنقع الشتاء والطين،
سمعت سناء وسهام الأب ينادي عليهن ..جرين
إلى الصالة..كان الأب يقف امام النافذة ويرفع
الستارة وينظر إلى الخارج ،
إقتربت سهام منه وقالت له:
-إيش في بابا؟
-يله بسرعة تعالن ساعدني ،في شب واقع برى
تحت المطر مابقدر أرفعه لحالي ظهري يوجعني
يله يابنات؟
خرجوا معا إلى لؤي..أوقفوه وساعدوه على السير
بعد أن امسك الأب بذراع و سناء بالذراع الثانية بينما سهام تنظر إليهم بتوتر،

عندما دخلوا إلى الفيلا قالت الأم:
-ياحرام الله يحفظه لأهله شو بسوي ولد مثل
الورده تحت المطر كان مات ياحرام ..وين أهله
عنه؟
رد لؤي وهو يرتجف من شدة البرد :
- انا.. شب... مش ...ولد خالتي؟
ضحك الجميع عند سماع كلامه مدافعا عن نفسه..
أخذته الأم ومعها الأب إلى الداخل لمساعدته في
نزع ثيابه المبتلة، ثم أعطته الأم ثوب من
ثياب الأب واجلساه على مقعد إلى جانب الموقد
بينما أخذت الأم بدلته لتجففها له،
ولأنه شديد النحول كان وهو مرتدي "دشداشه"
الأب البيضاء الواسعة جدا والطويلة يبدو مثل
شخصية كاسبر،
كان مظهره يثير الضحك وقد دخل قلوب الجميع
دون إستئذان.

*   *    *    *     *    *     *      *    *    *     *

بينما لؤي يشرب كوب الحليب الساخن سأله
أبو سناء:
-انت شو بتعمل هون عمي تحت المطر شكلك
إبن ناس ؟
رد لؤي بتلقائية:
- أنا أجيت خصيصا عليكم.
قال الأب بدهشة:
-جاي علينا ..ليش؟
-لأني بدي اطلب إيد بنتك؟
-ههههههه اي وحده فيهن ؟
مد يده إلى سهام وقال :
-هاي؟
-ههههه سهام ؟
-إسمها حلو...آه سهام.
إنفجرت سهام ضاحكة وهي تغطي  وجهها
بكفيها،
ثم ضحك الأب مداعبا وقال:
-وإلي بدو يطلب بنت بيجي هيك إنتحاري؟
-مهو لو شفت الجواب من البداية من شباكها
كان روحت.
قال الأب:
-وأنت وين شفتها عمي ؟
-شفتها وهي على الشارع راكبه دراجتها
وحبيتها؟
-هههههههه طيب مش شايف إنك زغير على
الحب والزواج؟
-لا مش زغير انا عمري عشرين سنه.
-بس ؟
-لا أكبر شوي .
- يعني قديش ؟
-وست ..سبع شهور.
-أكيد ؟
-أ....وثمن شهور.
-أنت إبن مين عمي ؟
- أنا إبن المرحوم سميح ابو الذهب .
-عرفته ..الله يادنيا ..الله يرحمه ..قديش إله
متوفي ؟
- من حوالي ثلاث سنوات.
- آف...بعد اخر مرة شفته فيها ؟
ثم نظر إلى زوجته وقال :
-تذكرتيه؟
كانت الأم شاردة بذهنها إلى أبعد من ذلك وهي
تتأمل لؤي وتقول في نفسها " لو ما وقعت وانا
حامل بإبني الأخير واجهضت كان هسى الولد
بعمر لؤي "
مسحت دموعها التي بللت وجنتيها فيما شعر
الأب بماذا كانت تفكر وقال موجها سؤاله للؤي:
-أنت إلك إخوان عمي؟
-لا أنا بس وبعيش مع أمي لحالنا.
-طيب عمي  طالع بالبرد..لوصارلك إشي شو
بدو يصير بأمك المسكينه ؟
قال لؤي وكأنه لم يسمع كلامه:
- أنا بطلب إيد سهام ..و..إذا مش موافقه بتمنى
تسمحو إلي إني احرسها دايما وادير بالي عليها؟
-أف لهذه الدرجه؟
كانت سهام لاتزال تضحك دون توقف بينما
نظر الأب إليها وقال لها :
-ايوه..شورأيك ياسهام؟
ردت سهام :
-لاهيك ولا هيك.
قال الأب مداعبا:
-يخرب بيتك ولك حتى انا الزلمه حبيته..شب
بهذا الشكل بترفضيه ؟
زفرت سناء مغتاظة من سهام وتركت الصالة
و دخلت إلى  غرفتها.
بينما الأم تنظر وتبتسم بحنان وتردد:
-الله يحفظك لامك يا إبني .

*   *    *    *    *     *    *     *     *     *     *

عندما توقف هطول الأمطار طلب لؤي أن يرتدي
ثيابه كي يغادر وهو يشعر أنه يوجد أمل كبير
في كسب قلب سهام ،قال الأب:
-إستنى ياإبني حتى اوصلك؟
خرج الأب مع لؤي بنفس ثياب البيت، الدشداشة
والروب..صعدا في العربة وقادها الأب ببطء خوفا
من الانزلاقات وهو يحدث لؤي:
-انت شو بتشتغل هسى عمي؟
-انا مابشتغل عمي ،خلصت توجيهي وقعدت لأن وضعنا المادي كويس كثير ومش بحاجه للشغل،
امي بتشغل أموالنا وبتاجر في العقارات، وهي
قالت بس تلاقي بنت الحلال بجوزك إياها؟
قال عبد الحميد:
- والله ياإبني أنت كويس ..وأنا بتمنى أنه سهام
توافق عليك ؟
قال لؤي:
-وصلنا عمي ..هذه فيلتنا؟
انزله بالقرب من منزله وقبل أن ينزل مد يده
لمصافحة أبو سناء  وعندما صافحه حاول لؤي تقبيل يده متوددا إليه، لكن ابوسناء
  سحب يده بسرعة وقال :
-لا ..العفو ياإبني..الله يحفظك ؟
عاد الأب وهو يهز رأسه ويردد " الله يحميك
ويخليك لأمك ياإبني "

*    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *

بعد أن إشتد الجدال بين سناء وسهام بخصوص
لؤي  وإنها يجب أن تحدد موقفها وإلا اخبرت الأب
بذلك، قالت سهام بغضب:
-طيب انا بكره بحط حد لهذه العلاقة..إكويس..
إتريحتي يختي...فكي عن سماي عاد ؟
كانت سناء في قرارة نفسها تعلم إنها هي أيضا
ربما لا تسير في  الطريق السليم بالنسبة لعلاقتها
مع سهل، لكن دائما الفرد الأكبر عمرا في الأسرة
يعتقد أنه هو الأفضل..والأعقل..والأفهم .

*    *    *     *    *    *    *    *    *    *     *    *

في الصباح الباكر دخلت سهام إلى غرفة امها
وأخذت ذبلتها  من على مرآة الماكياج
ووضعتها في اصبعها، ثم إرتدت بدلة الرياضة
وخرجت إلى نفس الشارع تجري كالعادة ،
وكان لؤي في إنتظارها وقد كان في ذلك
اليوم أكثر جمالا من الأيام السابقة ..ماأن رأته
حتى إلتوت قدمها ووقعت على الأرض..جرى
إليها وقال:
- شو صار حبيبتي سهام..سلامتك؟
قالت سهام وهي تتألم وتضحك بنفس الوقت:
- يعني عرفت إسمي وصرت حبيبتك كمان؟
-طيب خلص لاتزعلي انا خدامك.
-آآآه يا رجلي هههههههه؟
-خليني احملك.
أدار لها ظهره ..ركبت على ظهره واحاطت عنقه
بيديها بحيث اصبح خدها إلى جانب خده الذي
إكتسى باللون الأحمر بسبب برودة الطقس،
شعرت سهام بتلك اللحظة إنها ترغب في 
تقبيله ،بل كادت أن تفعل..لكن هذه الرغبة جعلتها
تشعر كما وأن كرامتها  قد خدشت كذلك كبريائها وحبها لنفسها،

قالت له بغضب :
-نزلني بسرعه؟
وعندما أنزلها قالت له وهي تريه الخاتم:
-شايف يالؤي؟
- شو هذا؟
- يعني مش عارف شو هذا ..هذا خاتم خطبه؟
- إيش يعني؟
-يعني يافهيم إمبارح أجى واحد وخطبني وانا
وافقت ،وكتبنا كتابنا كمان وبعد يومين
بدنا نهاجر على أمريكا؟
صمت لؤي فجاة كالطفل الذي تلقى صفعة وهو
يستعد للبكاء :
-بس ؟
قالت بقسوة:
-بس شو ؟
-،انا بحبك كثير..و...و..مش رايح اتحمل بعدك
عني ..و...رايح.... اتعذب كثير؟
- والله هاي مشكلتك يالؤي؟
جثى على ركبتيه وإنهمرت دموعه بغزارة
بينما تركته سهام وإستدارت لامبالية وهو  يناديها
بصوت متحشرج:
-سهام ...سهام...لاتتركيني انا مابعرف شو رح
اعمل بعدك؟

*    *    *   *    *    *    *    *    *     *     *

دخلت سهام إلى الفيلا ..قابلت اختها سناء وهي في طريقها إلى غرفتها وقالت لها:

-خلص هيني أنهيت موضوع لؤي..إتريحتي
يختي ؟
وقبل أن تسمع ردها جرت إلى غرفتها..جلست
أمام المرآة وهي تحدث نفسها " ياترى إلي
عملته صح وللا غلط"

*    *     *    *    *    *     *     *    *     *     *

في اليوم التالي شعرت سهام بإنها تريد أن ترى
لؤي ..لاتعرف لماذا ..أخرجت دراجتها وقادتها
حتى تجاوزت الطين..وصلت إلى الشارع ..
ركبت على دراجتها وإنطلقت بسرعة قسوى،
وصلت إلى مكان لقائها بلؤي..لكن ماكادت أن
تصل حتى صرخت ووقعت بدراجتها إلى جانب
الطريق.. إنفجرت بالبكاء وهي تردد:
-لؤي...ليش ...ليش ؟
كان لؤي متدليا على غصن شجرة بحبل متين من  
رقبته فاقد الحياة....
لقد إنتحر لؤي.
(يتبع....)
تيسيرمغاصبه
٢٧-١١-٢٠٢١
####
(قلوب بيضاء)
قصة مسلسلة
بقلم:تيسيرمغاصبه
-----------------------------------------------‐-------------
    -١٦-
،،، أحزان،،،،

قرع الجرس ..فتحت فاطمه الباب..لترى سماح
على الباب ..قالت امها وهي لا تستطيع تمالك
نفسها من الفرح :
-سماح ..انا بحلم وللا بعلم ياناس؟
وعندما نظرت أمها إلى الخارج ولم ترى معها
زوجها مثقال قالت متسائلة:
-وين زوجك ليش مش معك ؟
هنا سماح لم تتمالك نفسها فأحتضنت أمها وإنفجرت بالبكاء ،عند ذلك لاحظت الأم أن
سماح ترتدي الأسود.

*    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *

من جهة ثانية أن عبد الحميد الذي كان يشكو
من عدة أمراض منها الضغط والربو والقلب، فقد
تدهورت حالته الصحية كثيرا خصوصا بعد
حادثة إنتحار لؤي بسبب إبنته سهام،
لتكون الصدمة الجديدة بموت مثقال زوج إبنته
سماح ،وغير ذلك كله أنه كان يشعر بأن إبنته
دلال غير سعيدة في حياتها مع زوجها وأن
قلبه كأب لايمكن أن يخدعه،
نعم حتى لو كانت دلال تراوغ ولا تقول الصدق
فأن ذلك واضح عليها،
كان عبد الحميد يحن إلى السنوات الماضية
عندما كانت بناته في مرحلة الطفولة يجرين في
الفيلا ويعلو فيها الصراخ والضحك بيعد عن الهموم
والمشاكل والصدمات ،
لقد اصبح في حزن دائم..فتراه فاطمه بصورة
مختلفة عن السابق ..لقد إختفت إبتسامته
ودائما دموعه على خديه،
يبكي عندما يرى مشهد محزن على شاشة
التلفزيون ..يبكي عند سماع اغنية حزينه،
كانت فاطمة تفضل ملازمته في البيت وقد
توقفت عن جميع نشاطاتها الإجتماعية في
تلك الفترة ..كانت تقدم له الدواء في موعده
لأنه دائما ينسى أن يأخذه،
ودائما يطلب منها ألبوم الصور لمشاهدة بناته
وهن صغيرات ملتفات حوله ..ويشاهد صور
زوجته فاطمة عندما كانت تحمل بأبنه الأخير
قبل أن تتعثر اقدامها على الدرجات وتسقط
وتتسبب لها السقطة بالاجهاض ويخسرون الولد
الذي كان من الممكن أن يكون الوحيد إلى
جانب  البنات الاربعة...وبعمر لؤي،
كان عبد الحميد لا يحتمل بعاد فاطمه عنه
لحظة فكان يناديها كلما نظر ولم يراها قريبة
منه ..كان لا يريد منها سوى الجلوس بجانبه
تمسح دموعه..تواسيه..تذكرة دائما بالأيام
الجميلة التي لن تعود أبدا،
وكانت فاطمة هي خير رفيقة له منذ البداية ،
لكتها لم تستطع هذه المرة أن تمنع دموعه من
التساقط ..لم تسطع تغبير حالته،

*    *    *    *    *    *     *    *    *    *     *    *

بعد أيام تعود سماح إلى أمريكا وهناك تنهي
كل إنشغالاتها  وإرتباطاتها، بل وتبيع منزلها
وتعود إلى الأردن حاملة الجنسية الأمريكية،
لم تتخلى عن جنسية البلد الذي له الفضل
الكبير عليها ،وتدين لهذا البلد بالكثير بل حتى
أن زوجها مثقال أوصى بأن يدفن هناك..
في امريكا،
وعادت سماح إلى الفيلا التي ولدت بها لتعيش
على ذكرى حبيبها وزوجها الطيب ،
أما سهام فمنذ حادثة إنتحار لؤي وهي مغلقة
على نفسها باب غرفتها..لاتخرج منها ابدا
ودموعها على خديها،
طلبت فاطمة من زوجها أن يفتح بروفايله
ليتسلى قليلا حالما  تعد لهما فنجانين قهوة ،
امسك موبابله..تصفح المنشورات..راى فيديو
متشور عن إنتحار لؤي بعنوان "ومن الحب ماقتل؛
شاب ينتحر لأن حبيبته تركته"
فظهرت أم لؤي تتحدث وهي تذرف الدموع:
"كان إبني الوحيد ..وكان طيب كثير..مابكره
حدى ..مابعادي حدى ..إلتفت عليه بنت ..وقال
إلي إن أهلها موافقين إنه يطلب إيدها، وبعد
يومين بس البنت تركته سامحها الله والولد
كتل حاله وحرقت قلبي عليه ..وحيدي
ونوارة بيتي ......."
ولم تستطيع المتابعة وإنفجرت بالبكاء،
فبكى عبد الحميد بحرقة ..دخلت فاطمة إليه
بفناجين القهوة..وعندما رأته وضعت الفناجين..
أعطاها موبايله..فبكت هي أيضا هذه المرة
بحرقة،

*    *    *     *    *    *    *    *    *     *     *

جرت سناء إلى الصالة وهي تنادي سماح وبيدها
موبايلها:
-سماح ..شوفي..شوفي؟
أمسكت سماح بموبايل أختها ورأت الخبر الجميل
والصورة الرائعة، قد تم إنشاء نصب تذكاري
كبير مرتفع لزوجها مثقال وهو يقف وبيده عصا
المايسترو بشكل مهيب،
إبتسمت سماح فرحة وإغرورقت عينيها
بالدموع،
وقالت :
-الله يرحمك حبيبي.

*    *    *     *    *     *     *     *    *    *     *

في الصباح الباكر  أعدت فاطمة  القهوة لها
ولزوجها وعندما توجهت إليه في الصالة كان
يحني رأسه للأمام كما وأنه نائم..حاولت
أيقاظه لكنه لم يستيقظ ..هزته بيدها وقع على
طرف الكنبة..وضعت رأسها على صدره..كان
قلبه  يخفق خفقات بطيئة..نادت على سناء ..
جرت سناء إليها..طلبت منها الاتصال
بالإسعاف بينما هي تسنده وتحتضنه ،قد كانت
في قرارة نفسها تعلم أن زوجها راحل لا محالة..
فتحت سهام باب غرفتها على صوت الجلبة..
وقفت البنات أمامه وأجهشن بالبكاء،
في تلك اللحظة نظرت الأم إليهن بغضب..
أسندت زوجها على الكنبة..وقفت امامهن وقالت
بحزم:
-يابنات أبوكن رجل عظيم مابجوز تبكن عليه
ياإما بتدعن إله وياإما بتدخلن على غرفكن
يله؟
وصلت سيارة الإسعاف ..نقل الأب إليها ..صعدت
فاطمة إلى جانبه وضعت يدها على قلبه الذي
كان لايزال يخفق وهمست بأذنه:
-لأتخاف أنا مش رح أتأخر عليك حبيبي.

*   *    *    *    *   *    *   *    *    *    *    *

عند وصول طوارىء المستشفى توقف قلب
عبد الحميد نهائيا عن النبض.

(يتبع...)
تيسيرمغاصبه
٢٨-١١-٢٠٢١
#####
(قلوب بيضاء )
قصة مسلسلة
بقلم :تيسيرمغاصبه
-------------------------------------------------------------
     -١٧-
،،،حرية،،،

خرج عادل من الصيدلية بعد أن إشترى بعض
الأقراص الزرقاء ووضعها في جيبه كما وأنه
يقوم بتهريب مجوهرات ثمينة،
صعد في عربته ..عندما إستعد للقيادة توقف
فجأة بينما كانت كلمات الطبيب ترن بأذنيه:

"مع الأسف الشديد أنت بتعاني من عجز كامل
وهذا بسبب الضربات المباشرة إلي تعرضت
إلها بالماضي ،أما بالنسبة للأقراص إلي بتستعملها هذه مفعولها مؤقت ومش دايما عملية"

*    *    *    *    *    *     *    *    *    *    *  *  *
  بعد رحيل الأب
  شعرت الأم بأنها الأن أصبحت
هي الأب والأم معا ..وقد أصبحت أمرأة قوية
يعتمد عليها حتى في أصعب المهمات،
في إحدى الأيام وفي  الصباح الباكر كانت
تجلس في الصالة تشرب فنجان قهوة عندما
دخلت عليها سناء وقالت :
-صباح الخير ماما؟
-صباح الخير.
-كنت بدي أحكي معك بخصوص دلال؟
قالت الأم وهي بنفس هدوئها:
- أنا عارفه شو بدك تحكي ياسناء.
-عارفه؟
-طبعا ..شو بتفكريني قاعده هيك ومش فاهمه
إشي..وللا أنا شغلتي مصلحه إجتماعيه على
الفاضي بروح وباجي؟
-أيش بتعرفي؟
-انا بعرف انه دلال مش مرتاحه مع زوجها وأنها
متزوجه من حيوان ،متخلف ..أما ليش قبلت
فيه من البداية وليش إستمرت معه مابعرف،
وإلي سكتني في الفترة الماضيه هو وضع أبوكي
الصحي وعشان هيك أجلت الموضوع؟
-طيب وشو ناوية تعملي ماما؟
-تقريبا انا عملت كل إشي وماظل غير التنفيذ؟
-والله انا مش فاهمه إشي.
-اليوم بتعرفي كل إشي وانا رايحه علبها بعد
شوي؟
ذهبت سناء على غرفتها بينما أمسكت الأم
موبايلها..ضربت رقم ما..ووضعته على أذنها وقالت :
-انا هيني طالعه.

*    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *    * *

وصل عادل إلى المنزل ..دخل ..رأى دلال تقف
في الصالة بقميس النوم الشفاف المثير ..لكنه
لم يحرك فيه شيئا ،
تركها دون أن يلقي عليها التحية ..دخل إلى
المطبخ ..ملأ كوب ماء..تلفت كما وأنه مراقب ..
وضع يده في جيبه ..أخرج حبة زرقاء من جيبه..
وضعها في فمه ثم شرب الماء ،
عاد إلى الصالة ..جلس يدخن سيجارة بعد أخرى
بينما جسده يتصبب عرقا،
بعد نصف ساعة نادا على دلال وعندما حضرت
نظر إليها بعيون تقدح شرارا،..وإزداد تساقط
عرقه الغزير،
وكانت نظراته فيها مزيج مابين الغضب والخوف،
العدوانية والقلق ..إقترب منها..جذبها من فستانها
الخفيف حتى تمزق، ثم هجم عليها كما وأنه
غريب يريد إغتصابها، نشب مخالبه بذراعيها
ورقبتها..وعندما فشل في المهمة ..أو بالأحرى
الحبة لم تجدي نفعا أخذ يكيل لها الصفعات ثم
تركها ودخل إلى المطبخ ثانية،
ألقى بنفسه على البلاط البارد وأخذ يضرب
راسه بالبلاط.

*    *    *    *    *    *    *    *    *    *     *     *

مرت دقائق  على ماتعرضت له دلال من عنف ..
قرع جرس الباب ..كانت دلال قد إستبدلت  قميس
نومها الممزق بأخر..فتحت الباب ..
تفاجأت عند  رؤية أمها على الباب ..بدت دلال
كالزهرة الذابلة،قالت امها:
-شو مابدك إياني ادخل ولا شو؟
قالت بتوتر :
-تفضلي ماما.. فوتي.
دخلت امها ..جلست على الكنبة..قالت دلال:
-خليني اروح اعملك إشي تشربيه؟
قالت الأم بحدة:
- لا مابدي إشي أنا مش جايه أتضيف؟
-مش فاهمه إشي ماما.
-انا ماكنت بعرف إنه عندي بنات برخصن حالهن
وبذلن حالهن حتى لاتفه الناس واقذرهم؟
قالت دلال وهي تحاول إخفاء آثار الخدوش
والكدمات:
-مش فاهمه.
-لأ فاهمه يا عيب البنات المتعلمات؟
دخل عادل إلى الصالة بعد أن سمع كل شيء
ونظر إلى أم دلال بتحد، بينما وقفت أم دلال
وقالت لأبنتها آمرة:
-وقفي ؟
وعندما وقفت دلال أمسكت امها بفستانها
وجذبته حتى مزقته وقالت:
-إيش هذا يا حيوان؟
تقدم عادل منها وقال بوقاحة:
-انا مش حيوان ديري بالك تسبي؟
قالت صارخة :
-حيوان وستين حيوان:
ثم وجهت إليه صفعة جمعت فيها كل غضبها،
بينما دلال تنظر مندهشة من قوة أمها
التي لم تكن تتوقعها حاول عادل أن يدفعها لكن
بتلك اللحظة إنفتح الباب ودخل منه ثلاث
رجال يرتدون البدلات الرسمية من جمعية
حماية الأسرة ومحامي الأسرة الجديد
وطبيب الأسرة.وثلاثة
من رجال الشرطة..أمسك رجال الشرطة
بعادل واوثقوا يديه واخذوه وغادروا،

*    *    *   *     *    *     *     *     *    *    *    *

تم تطليق دلال من عادل في حين تبين أن عليه
عدة قيود وأنه مطلوب للعدالة من زمن حيث
انه متهم بعدة جرائم أعتداء بدني على فتيات
ومن بينهنا الشروع بالقتل،
بل وكان مخفيا بطاقتة الشخصية ويستعمل
بطاقة بأسم أخر أما أسمه  الحقيقي فكان رامي،

وللصدفة يسجن مع رجال  كانوا  يبحثون عنه من
زمن طويل لأنه متورط بجريمة هتك عرض
وكانت الفتاة تخص هؤلاء الرجال 
وما أن رآوه  حتى إنقضوا عليه وقتلهوه في
السجن.

(يتبع...،)
تيسيرمغاصبه
٢٩-١١-٢٠٢١
####
(قلوب بيضاء)
قصة مسلسلة
بقلم:تيسيرمغاصبه
-------------------------------------------------------------
    -١٨-
،،، إصرار ،،،

كان الدكتور أمين فضل قد إستوقف سناء قليلا
قبل خروجها مع سهل وقال لها:
-أيش.. رايحه هسى مع سهل؟
-مهو لازم إني اروح.
-ماشي انا واثق كثير من رجاحة عقلك ياسناء..
روحي وشوفي كل إشي بوضوح؟
كان سهل ينتظر سناء في الخارج بجانب عربته..
ذهبت سناء إليه..صعد سهل وصعدت سناء إلى
جانبه وإنطلقت العربة بهما بينما خالها يقف على
المدخل يهز رأسه بأسف.

*    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *

وصلا إلى الفيلا ..تجولا في الخارج بساحاتها
وحديقتها والأراجيح والمسبح الصغير المخصص
لأبنه فراس ،ثم دخلا إلى صالة الفيلا ..رأت باب
مطلي باللون الأحمر مزين برسومات للشخصيات الكرتونية،
وعرفت أن تلك هي غرفة إبنه فراس ..وغرفة ثانية بابها مطلي باللون الزهري مزين بالقلوب
وعرفت على الفور أن تلك الغرفة هي غرفة
زوجته سعيدة الحظ سوسن،
وبالفعل كانت سناء تحسد تلك الأسرة على
ذلك الحب العظيم الذي يكنه سهل لأسرته
الصغيرة،
قال سهل لسناء:
-إجلسي حبيبتي واستني شوي مابطول عليكي
حتى اعطيهم خبر إنك هون؟
وقبل أن يذهب قالت:
- سهل.
توقف سهل وقال :
-إيش حبيبتي؟
-ل....ليش ماتناديهم هسى ونتعرف على بعض .
-أ...هيك ماأتفقنا ياسناء..أنا قلتلك بالتدريج؟
قالت بضيق :
- طيب حبيبي مثل مابدك؟
توجه سهل أولا إلى غرفة فراس..ما أن فتح الباب
حتى سمعت صوت فراس يقول بصوت مرتفع:
-بابا حبيبي؟
شعرت سناء بعاطفة جياشة تجاه ذلك الطفل
دون أن تراه ،وتمنت لو أنها تجري إليه لتحتظنه
وتشبعة تقبيلا،
وهذا ليس غريبا وهي تعيش في فيلا ضخمة
لكنها خالية من أصوات الأطفال وصراخهم،
لحظات وخرج سهل من غرفة إبنه فراس
بعد أن سمعته يقول له:
-خليك في غرفتك حبيبي ماشي؟
ثم نظر إلى سناء وإبتسم ثم توجه إلى غرفة
زوجته سوسن.. فتح الباب ..سمعت صوت
ضحكتها الرقيقة التي كانت في منتهى الأنوثة
والجمال ،بعيدة كل البعد عن التصنع والابتذال..
فشعرت سناء بالغيرة الشديدة منها،
مكث سهل قليلا في الداخل ومن ثم خرج وقال
لسناء :
-ماتأخرت عليكي صح..كل إشي تمام هسى
حبيبتي..خليني اروح اعمل القهوة؟
إبتسمت سناء ولم تتكلم.

*    *    *    *    *    *    *    *   *     *     *    *

إستمرت زيارات سناء إلى سهل دون أن يقرر
متى سيسمح لها بالالتقاء بأسرته،بل بقي
يماطل ويماطل ،وفي إحدى زياراتها له دخل
سهل  ليحضر لها ألبوم الصور ..بعد أن
قرر بأن تراهم في الصور أولا..قالت سناء
في نفسها "معقول يكون بخاف على سوسن
وفراس لهاي الدرجه،وللا بغار عليهم مني "
تأخر قليلا في الداخل ..وقفت سناء ..تجولت
في الصالة قليلا ..ثم مشت بأتجاه غرفة إبنه
فراس ..امسكت بمقبض الباب وحاولت أن
تفتحه لكن تراجعت عندما سمعت خطوات
سهل وعادت وجلست مكانها،
قدم لها الألبوم وقال لها:
-إمسكي تفرجي على بين مااغلي القهوة ؟
قلبت صفحات الألبوم وإنبهرت من جمال
زوجته سوسن كذلك إبنه فراس ..وكان الألبوم يحتوي على مناسباتهم ونزهاتهم ..والأعياد.. وصور في الحديقة والمسبح فشعرت
بتناقض في مشاعرها مابين غيرتها منهم
ورغبتها في العيش معهم ،
عاد سهل بفناجين القهوة وجلس امامها..قالت
سناء بضيق :
-مش شايف إنه الشغله طولت؟
-شو بتقصدي حبيبتي.
-قديش مرة اجيت معك لهون ولحد هسى
ماعرفتني على مرتك وإبنك..ليكونو مابدهم
يشوفوني ؟
-ليش ماتصبري كمان شوي.
-يعني قديش بدي اصبر كمان ؟
وهنا قرع  الجرس..نهض سهل ..فتح
الباب ليتفاجأ بخالها الدكتور أمين على الباب
وبيده حقيبة العيادة ينظر إليه ويبتسم، ثم
قال :
-ممكن أدخل؟
قال سهل بغضب :
-أنت.
لكن أمين أبعد نظره عنه وتركه ودخل ولم
ينتظر أن يسمح له سهل بالدخول ،لحق به
سهل إلى الداخل وقال له ثائرا:
-انت كيف بتدخل البيت بدون مااسمحلك؟
رد أمين بثقة:
- سهل.. لاتنسى إنو انا هسى ولي أمر سناء بعد
وفاة ابوها؟
ونظر إلى سناء وقال لها:
-مش هيك خالي؟
قالت سناء :
-طبعا خالي.
قال أمين وهو مطمئن بأن خطته تسير على
مايرام :
-شو أحنا بدنا إنظل واقفين وللا كيف ؟
جلس أمين ثم جلست سناء بينما نظر سهل
إليهما بارتباك ثم جلس هو الأخر وهو يرتجف من
شدة الغضب والتوتر ،وقال أمين:
-هسى روح ياسهل نادي على سوسن وفراس
خليهم يقعدوا معنا؟
صرخ سهل به :
-انت أيش بدك مني ...أيش؟
-ماقلت إلك ياسهل انا ولي أمر سناء وبدي أطمن
على مستقبلها ولازم أعرف مرتك موافقه وللا لا
وأبنك موافق أنه تيجي وحده غريبه على بيتك
وللا لا؟
قال سهل :
-هم موافقين.
- يعني لسى كل هذا وبتقلي موافقين ياسهل؟
-أه موافقين؟
- سهل..عمي ..ليش مابدك تقتنع إنهم ميتين؟
صرخ سهل رافضا:
- لا.. لا...لا؟
- سهل..سوسن وفراس ماتو من زمان بحادث
سير ياسهل؟
- لا....لا...؟
- لا ماتو ياسهل ماتو ..ماتو ؟
-لأ انت  بتكذب سوسن وفراس لسى عايشين ؟
- ليش بدك إتظلك عايش بهذا الوهم ..ليش؟
أستمر سهل بالصراخ حتى إنهار ووقع على
الأرض ،فتح آمين حقيبته وأعد حقنه وحقنه
بها ،فنام سهل على الموكيت في مكانه،
وقال :
-هذه حقنه بتريحه شوي؟
قالت سناء :
-شو الحكي إلي سمعته ياخالي ..ارجوك احكي
حكي غير هالحكي؟
-والله ياسناء مع الأسف هذه هي الحقيقة ؟
-بس انا سمعت صوتهم.
-هههههههه سمعتي صوتهم..ماشي تعالي معي
إفتحي باب إبنه فراس وادخلي؟
جرت سناء إلى باب فراس ..أمسكت بمقبض
الباب بسرعة وهي متلهفة وغير مصدقة نفسها..
فتحت الباب وإنبعث صوت فراس مرتفعا:
-بابا حبيبي؟
دخلت تلفتت حولها ولم ترى أحد في الغرفة ..
فكانت غرفة فراس كما وأنه موجود فيها
الألعاب متناثرة هنا وهناك ..سريره كما وأنه تركه
للتو ..صورة كبيرة له فوق سريره..
ألوان زاهية تزين الجدران والستائر..إبتسم
آمين وقال:
-هذا الصوت هو صوت إبنه فراس مسجل على
شريط ووضع في سماعة عن طريق


تعليقات

المشاركات الشائعة