يوميات بنت عاشقة: بقلم رعد الإمارة

 يوميات بنت عاشقة  (كتاب سيرى النور قريبا) 


١   الولد الذي أعرف، جاري الحلو، سيد العيون الملونة، عاد  من السفر، كان بين يدي قطعة ثياب ملونة أدعكها ، نسيتُ لوهلة من صاحبها أو صاحبتها ، حين هَمستْ أختي بأذني، فأني نفضتُ كل شيء، وجدت قدميَّ تسابقان الريح التي خُيّل إلي أنها كانت تلهثُ خلفي!. 


٢   يبدو أنه كان مستغرقاً في التفكير صاحب الظل الطويل ، فعيناه كانتا تحدقان في نقطة وهمية أو في الفراغ ربما، حاولتُ جذب انتباهه، فعلت ذلك بصورة فاتنة، وقفتُ بينه وبين الفراغ، لكنه خيّبَ ظني، أزاح عينيه، بحثاً عن فراغ آخر !.


٣  طلب مني أن أصبغ شعري صاحب الظل الطويل ، فعل ذلك في وقتٍ مبكر من الصباح، كنت أبحث عن دجاجة أمي المدللة الهاربة عندهم ، أذكر أنه قال :

_ أليس لديكم ديك في البيت؟. لم أفهم في البداية ماكان يعني، حين أدركت المعنى بعد لحظات احمرَّ وجهي، حتى أني صفعت الدجاجة المذهولة، مرة ومرتين!. 


٤  أمي طلبتْ أن أكف عن التنهد، أتذكر أني حدّقتُ في وجهها وتنهدتُ مرغمة، قبل أن أقول :

_أوه، أنت لاتعرفين، الأمر ليس بيدي، حتماً تذكرين صِباكِ ماما!. هذه المرة من تنهد هو أمي، فعلتْ ذلك ألف مرة، قبل أن تلمع عيناها.


٥   صاحب الظل الطويل امتدح شعري، حتى أنه سمح لنفسه أن يتحسسه، قلت بوجه مضطرم تماماً :

 _بوسعك الأحتفاظ بخصلة منه لو أردت. أتذكر أنه أشاح برأسه ، حدق في الأرض بين قدميه وقال :

_ وما الفائدة أن كنتِ ستصبغيه بلونٍ آخر كما في كل مرة. الأحمق ألم يطلب مني ذلك، أم أنه كان واحداً من أحلامي العديدات!.


٦   كان عليَّ بذل جهداً أكبر لترويض صاحب الظل هذا، صرت اتحاشاه متعمدة، كان رأسي وأنا أمر من أمامه يكاد يبلغ النجوم ، يقولون أن التجاهل أحياناً يأتي بنتيجة طيبة، ماحصل لاحقاً أني تعثرت بقدمي، لاتسألوني ماذا حصل حينها، فالأرض لم تنشق لتبتلع ارتباكي، ابداً ابداً. 


٧  كنا نسير معاً، أنا وشقيقتي الصغرى، والحلوة مثل القهوة التركية، قالت وهي تتلفت للخلف مثل دجاجة خرقاء :

_ يا إلهي أنه يتبعنا. قلت وأنا اصوّب لها نظرة جانبية حادة :

_ لاتتلفتي ياحمقاء، سيري للأمام مثل جندي الشطرنج، سيتوجب عليه أن يفعل أكثر من هذا حتى اتعطف عليه بنظرة. كادت أختي تشرق بضحكتها وهي تعترض طريقي :

_لكنه ليس صاحب الظل الطويل، أنه أبي من يتبعنا.


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة