خبر محاكمة غريب: بقلم رياض انقزو

 المركز الخامس: ---   19.5

 رياض انقزو


20 - للمسابقة


خبر محاكمة غريب

قال شيخنا الصالح أبو غريب: نودي في أهل القرى والمدن عبر مضخمات الصوت أن هبوا للحياة وخذوا بآراء أولى الأمر منكم، فلولا هم ولولا وجودهم على رأس السلطة لما توالى على أموركم أناس أقاموا الدولة وأرسوا أسباب الرزق والعيش الآمن.

لم يجهدوا أنفسهم كثيرا لفهم النداء. وبفراستهم وبما علمتهم الحياة بدا لهم يوم ذاك أن موعد الانتخابات قد حان، وأن البعض منهم يريدون السلطة فيهم دون سواهم وقد جبلوا على الحكم. ووقفنا بحلوله على علامات يوم الحشر. تدافع وتزاحم وجذب ودفع ومدّ وجزر وأسئلة ومحاسبة...ولما كنت من الحرصين على إثارة تفاضل بين المرشحين خرجت في رفقة عصابة من الأصدقاء نبحث عن غريب نستكشف سره ونفضح أمره ونعتب عليه ويعتب علينا وهو مرشحنا. وكانت قبلتنا فلاة اتخذناها وإياه ملاذا إذا ما هفت أنفسنا لبعض النبيذ.  خاب ظننا ولم نظفر به. وهممنا على أعقابنا راجعين لكن الأرض مادت من تحتنا، ثم انشقت وأخرجت أثقالها وانبعث فلق من لهب أشع في المكان نورا سماويا أزاح الظلمة عن غريب وقد انزوى بزاوية قصيّة من الفلاة. كان يجلس القرفصاء وانحنى ظهره إلى أن صار رأسه بين ركبتيه. ولم نستطع، على معرفتنا به، أن نحسم الأمر، أفعل ذلك خجلا أم وجلا أم هي الرغبة في إن يكتشف عورته؟ 

تدافع نحوه الزبانية، وأحاطوا به، ثم أوقفوه في شيء من العناء، وقادوه إلى الزاوية المقابلة وقد حمل بين يديه صحيفتين. ما إن هم بتقديم الأولى حتى ارتجت الأرض من جديد وتعالى صدى غمغمات وصيحات موحشة. فهم غريب ن تلك الصحيفة لم تحظ بالقبول ولن تشفع له. عاد إلى صحيفته الثانية وقدّمها كما قدّم الأولى. تحولت الغمغمات إلى تكبير والصيحات الموحشة إلى تهليل وتناهى إلى مسامعه صوت من خلف حجب يأمره بأن لا يأسف على ما يفوته ومن يذهب عنه، فله شافيا ما هو فيه اللحظة من الهدى والحق...سرى الأمل في غريب من جديد، وداعبت الأحلام مخيلته، ومنّى النفس بشراب وفير وفراش وثير ونسل كثير يباهي به الرفاق والإخوان ويقارع به الأعداء ويجادل به الأصدقاء.نما حلم غريب وأثمر ثمرا طيبا ففصل عقل نورانيّ عن الروح الإلهي وحل بجسده فرفعه عن غاشيات الطبيعة وعرّج به على الملكوت الأعلى.شكر غريب مولاه قانعا وجثا على ركبتيه طائعا وألقى بصحيفته جانبا. وقبل أن تصل الصحيفة وجهتها استفاق غريب على وقع خلاف بين النائب العام ومحاميه لم يحسم إلا بإصدار القاضي حكمه بثبوت إدانة غريب بالخيانة العظمى.

ألقي به في الدرك الأسفل من دهاليز النسيان وعبر صراط الانتخابات من استطاع لذلك سبيلا وردّدت في صمت" إن ينصركم الله فلا غالب لكم"

**


تعليقات

المشاركات الشائعة