انتقام: بقلم احسان علي العارضي

 قصة قصيرة

انتقام...جزء اول.

على مزابل القرية تراها يوميا جالسة، تبحث عن شيء ما لتقتات عليه تلك العجوز التي جاوزت الثمانين، كأنها مسخ يخافه الصبيان، بملابسها الرثة القديمة وعباءتها السوداء الخرقة،  تحمل اكياسها المتسخة المملوءة بفتات الاهالي كعادتها كل يوم، حتى أن خلصت من ذلك تعود إلى بيتها الخرب، المار من جنب بيتها يسمع مواء قطط مستمر كهرج ومرج، تعتاش معهن على ماتبقى من طعام الناس، في تلك الأثناء سكن رجل خمسيني وزوجته الشابة الحسناء احد البيوت الفخمة، لايعرف أحد لماذا اتيا الى هذه القرية، وماهي الأسباب؟ يقال إن لهم أقرباء في هذه المنطقة، أو ربما جاء هو وزوجته ليعمل في مستوصف القرية كونه طبيب اختصاص، على إثر نقله اليه، كثرت الأقاويل بين الناس الذين ليس لديهم غير هذه الاحاديث، تمر الاشهر وكل امرء بحاله في تلك القرية الكئيبة التي يحكمها الجهل والاغنياء.

 وفي يوم هجيري حار تلفح رياح السموم وجوه الناس، كانوا مجتمعين حول دار تلك العجوز الشمطاء، حيث وجدوها ميته، والقطط حولها كأنها تندبها في بيتها العتيق، وبعد أن نقلت للمستشفى لبيان رأي الطبيب الشرعي لان الطبيب المرافق في سيارة الاسعاف، شك أنها ماتت اثر تسمم دوائي، من خلال علامات على وجهها الذي ارتسمت فيه دروب السنين، امسك الضابط حنكه، وقال مسكينة ربما شربت دواء اكثر من اللازم...حملوا جسدها النحيف  لمستوصف القرية، بعد فترة تبين من المعمل الجنائي بعد اخذ عينة من اكلها الفاخر الذي كان محط استغراب الجميع:  من اين لها هذا؟! ، أن هذه المرأة المسكينة قد ماتت بشرب جرعة دوائية اكثر من اللازم مخلوطة مع ذلك الاكل، لذا كانت محطة للشك.

 في الجانب الآخر الزوجة تسال زوجها الطبيب الذي واكب الحالة عندما احضروها للمستوصف: من هذه المرأة التي ماتت، مسكينة أنها بحالها، امرأة فقيرة لاحول لها ولا قوة ، رد عليها: وهل تعرفيها؟  وهو يرتشف القهوة، لا ولكن خادمتنا ام صفاء اخبرتني بكل الذي يدور في القرية، ارجع جسمه على كرسي طاولة الطعام وقال : حسنا، لا تشغلي بالك بمشاكل القرية، نحن لسنا معنيين بذلك...

سكتت زوجته ثم قالت: عندك حق هذا الأمر لايعنينا...

ضابط التحقيق يسأل أحد الساكنين قرب بيت المرأة العجوز حيث كان من سكان القرية القدامى رجل عجوز تجاوز الثمانين، كان يعمل نداف في المنطقة، هل تعرف هذه المرأة جيدا ..اجابه بحسرة كبيره ..لقد كانت امرأة جميلة رد عليه الضابط وهل انا اسالك عن جمالها، رد عليه الرجل بخجل: اسف سيدي ولكن ساتيك بقصتها كلها، لقد كانت تعيش حياة سعيدة هي واطفالها الاثنين ولكن فجأة تمرض زوجها الاول ، قاطعه الضابط ها كانت متزوجة من أكثر من واحد، نعم اكمل ، نعم أيها الضابط كان زوجها الاول رجل طيب فلاح ولديه ارض يزرعها تدر عليه رزقا يكفيه هو وعياله، الى حين المرض الذي أودى بحياته، وكانت هذه المرأة لم تزل بحيويتها وجمالها، بعد سنة من وفاة زوجها الاول التف حولها شاب عاطل عن العمل شقي لكنه كان وسيم ويملك لسانا معسولا، جعلها تتزوجه، وبعد فترة كتبت ألارض باسمه ماعدا هذا البيت الذي تسكن فيه، كان ولدها الأكبر في المدرسة الإعدادية وابنتها في الابتدائية، بعدها حدثت مشاكل كبيرة بين الابن الاكبر وزوجها الثاني، على إثرها قامت هذه المرأة بطرد ابنها، بعدها لم تجد ابنتها، لانها خافت ولحقت باخيهاهذا ماعرفته بعد ذلك،

 بعد برهة من الزمن أتى ابنها ونقل نفسه من مدرسته هو واخته، وحاولت أن اساعده لكنه رفض رفضا شديدا، وانقطعت اخبارهم الى الان...بعد فترة ليست بالطويلة وفي الصباح الباكر وجدتها تبكي بمرارة جنب باب دارها وتلطم خدودها حين اقتربت منها وسالتها، قالت وهي تبكي: لقد سرق ذهبي ومالي وطلقني ، قاطعتها، لماذا يا اختي ، إجابته وهي تنحب ، لا اعرف لمجرد اني رفضت أن اسجل البيت باسمه وكلمة منه وكلمة مني، قام على إثرها بضربي بشدة، لقد لاحظت ذلك على وجهها المزرق وعينها المتورمة، ثم أرسلت زوجتي اليها لتهدئها وتخفف من روعها، تركتها بعد أن سمعتها تصيح انا استاهل، انا استاهل حسبي الله ونعم الوكيل ...تبين أنه تزوج امرأة أخرى وما كانت مشاجرته معها إلا كحجة لكي يفترق عنها، الضابط  عمي مادمت قريبا الى بيت القتيلة، هل رايت شيئا غريبا قبل موتها، رد عليه الرجل بعد اخذ نفسا من سجيارته، 

- نعم سيادة الضابط رأيت رجلا يبدو عليه الثراء، يتردد عليها.

- يعني كم مرة رأيته، رد عليه الرجل العجوز، مرتين الى ثلاثة.

- إذا رأيت ذلك الشخص، هل تستطيع التعرف عليه،

- يعني الى حد ما...

- هل لديك شيء يفيدنا ياعمو؟

- هذا كل ما لدي.

خرج العجوز مثقلا بالتفكير بالحادثة، بعدها قام الضابط بأخذ بعض اقوال الذين بلغوا عن الحادثة، كانوا عبارة عن صبية مراهقين يلعبون قرب دارها، حين عبرت الكرة على دارها، وجدوا بان بابها مفتوحا والقطط جائعة تموئ ورائحة كريهة تملأ المكان، فبلغوا رجال القرية والمختار، والذي بدوره ابلغ الشرطة.


توجد بقية للقصة.......

تعليقات

المشاركات الشائعة