يوميات بنت عاشقة: بقلم رعد الإمارة

 يوميات بنت عاشقة (النهاية) 


١  كانت أمي شبه منحنية وهي تلوّح بيدها، هذا التصرّف منها جعل وجهي يتضرج احمراراً ، كنت أود أن أصرخ بها :

_يا أمي لايجب التلويح لغير أبي!. حين دنوت منها حتى كدت الاصقها أنتبهتْ لي، لكني لم أعبأ بنظراتها، حدّقتُ للأسفل، إلى حيث كانت تلوّح، ياربي الحبيب، أوه، أنه صاحب الظل الطويل، قمري، لقد عاد أخيراً من سفرته الحقيرة، كدت أرمي بنفسي خلفه وهو يمشي مثل أمير أضاع درب قلعته، لكن أمي وكأنها شعرت بما يجول في خاطري ، أحاطتْ بكتفي، وكأنها تهمس :

_عليكِ أن تأخذيني معكِ، اذا فكرتِ بأن تقفزي!.


٢   أعدّتْ أمي طعاماً لذيذاً من أجل عودة صاحب الظل الطويل، وكالعادة فأن شقيقتي المشاكسة تسلَلتْ مثل فأر، مدّتْ يدها لقطع اللحم المرصوفة بعناية حول أطراف الصينية، لم أفعل شيئاً كبيراً، كل مافي الأمر أني تنحنحت بقوة، أمي الذكية استدارتْ بسرعة وقبَضتْ على يد اللصة النحيلة، توقعتُ ضرباً ولكماً وربما صفعاً يشبه دوي البرق، لكن أمي، آه من أمي، لم تفعل أياً من هذا ، أختارتْ أكبر القطع وابهجها منظراً ودستها في فم شقيقتي، ولاحقاً في فمها هي!.


٣  صاحب الظل الطويل، قمري النحيل، لم يعد يتكئ على جدار المنزل، بل أنه وهو العائد من سفر بعيد لم يضحك بوجهي أو يبتسم، لقد قضى صاحب الظل القصير بجموده هذا على كل لهفاتي، أتذكر بأني عدت لدارنا بنفسٍ مكسورة، لكنه تبعني بخطوات واسعة، حين التفتُ خلفي ضحكْ، ثم رماني بحجر صغير أصاب كتفي، طيب، ماذا يعني بهذا!.


٤  هذه المرة جرتني شقيقتي الصغرى من شعري، أستيقظتُ وأنا مرعوبة، حين رأت دهشتي العجيبة وغضبي العارم لم تبالِ، بل أنها لم تفلت يدها حتى، قالت بأنفاس مبهورة :

_تعالي بسرعة ياغبية، صاحب الظل الطويل وأبيه عندنا، لقد حضرا من أجلك ياعروسة!. في البداية ضحكتُ مثل مجنونة، لكني سرعان ما بكيتُ بصوتٍ متقطع، قلت لشقيقتي من بين دموعي :

_ من فضلكْ، شدي شعري أكثر!.


٥  بات زواجي بصاحب الظل الطويل وشيكاً، نحن في فصل الصيف الآن، بضعة أشعر ريثما يحل فصل الشتاء الحلو، وحينها سيكون بوسعي تأمل ملامحه بصورة أدق، سأفعل ذلك حين يغفو على وسادتنا المشتركة، إن حدث وكشف أمري، سأخبئ وجهي بكلتا يدي، النظر للقمر وهو نائم سيبدو صعباً، لكن لا تسألوني لماذا!.(تمت وانتهى القسم الأول) 


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة