يوميات بنت عاشقة: بقلم رعد الإمارة

 يوميات بنت عاشقة  (المشهد الثالث) 


١ -  دجاجة أمي المدللة ستجلب لنا العار حتماً ، في هذا الصباح الضبابي بكّرَتْ في اعتلاء سور الجيران، ما أن ركضتُ خلفها ومددت يدي حتى حلّقتْ في الجو لبرهة قبل أن تسقط بين جناحي الديك الأرعن، قلت له :

_من فضلكْ ساعدني للأمساك بها. صاحب الظل الطويل لم يأبه بقولي، واصل قضم شطيرته، لكنه سمح لنفسه بأن يرمقني بعد ذلك بكل وقاحة، قال :

_ يابنت، عودي لسريرك، دعيهم معاً، قولي لأمك ديك الجيران وعدني بأن يحافظ عليها ، هذا كل ماعليك فعله. الوغد جعلني أركل الأرض، قبل أن يفر من أمامي،ومن خلفه الديك طبعاً .


٢ -  شقيقتي الصغرى غيّرتْ جلدها هي الأخرى، تقول أن الحفاظ على الأسرار يتطلب تضحيات معينة مني، كانت تعني بذلك بعض الهبات والمنح طبعاً، كنت أقف عند المرآة اصفّف شعري حين قالت ذلك، أنا لم أفعل شيئاً مستحيلاً، كل مافي الأمر أني تراجعت خطوتين، أغلقت الباب جيداً ثم شمرّت عن ذراعي، تقدمت صوبها، أتذكر أنها اصفرّتْ وارتدّتْ للخلف حتى ارتطم ظهرها بحافة السرير، قلت بصوت كالفحيح :

_ أعيدي ماقلت ياحلوة. العجيب أنها لم تنطق بحرف، بل راحتْ تهز رأسها يمنة ويسرة، مثل دمية باربي.


٣ -  أبي أرسل في طلب صاحب الظل الطويل، هذه المرة لم تخبرني شقيقتي الصغرى بذلك، لكني سمعت بأذني، حاولت العودة لغرفتي بسرعة، لكن الرجفة العجيبة في ساقي منعتني عن ذلك، فكرت بأن أحبو على أربع، لكني سرعان ماطردت هذه الفكرة الخرقاء عن ذهني، وحده أبي أعاد الأمور لنصابها حين صاح بي :

_تعالي يابنت. حين وقفت أمامه نكّستُ رأسي، لكنه فعل شيئاً مثيراً والدي الحبيب، مسح على شعري ثم قال :

_مارأيك بأن يعلمك جارنا القراءة والكتابة؟. كدت أبلّل نفسي فعلاً حين أومأ أبي برأسه للوراء ، صاحب الظل الطويل كان يقف خلفه ونظراته لاتفارق الأرض، ابداً ابداً.


٤ -  لا أعرف من أين هبط عليَّ الخجل هكذا دفعة واحدة، صاحب الظل الطويل وهو يدس الحروف في ذهني أربكني، بالكاد كنت أنطق مخارج الحروف خلفه، أما قلبي، الصغير مثل ثمرة كيوي، فكان يدق ويدق عوضاً عن ساعة الجدار العاطلة!.


٥ -  سمحت لنفسي بأن أرقص في الغرفة، وبأن أدور حول شقيقتي الصغرى مرة ومرتين ، قلت لها فيما كانت منشغلة بالكركرة :

_باركيني، أخيراً تعلّمتُ، وصاحب الظل الطويل لم يكن صارماً ابداً، سيأتي دورك قريباً لتتعلمي، لكن ليس مع صاحب الظل الطويل هذا، أنه قمري أنا فقط. كان أبي المتسلّل الخفي، يقف في باب الغرفة حين انتهيت من كلامي، قال وهو يحدجني بنظراته الصارمة :

_هل تسمحين لي بهذه الرقصة؟.


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة