يوميات بنت عاشقة: بقلم رعد الإمارة

 يوميات بنت عاشقة  (المشهد ماقبل الأخير) 


١-   أوقع دجاجة أمي المدللة في مأزق صاحب الظل الطويل، وجدته قد قيّدَ جناحيها للخلف وهو يؤنبها وكأنها أمرأة! قلت :

_لو رأتكَ أمي لحلقتْ لكَ شعرك الطويل هذا، ستكسر أجنحتها ، أفلتها حالاً ولن أغضب منك.

_ ومن يبالِ بغضبكْ يابنت، ليس الآن على أية حال، وعلى هذه الدجاجة أن تفهم أن وجودها لم يعد مرغوباً به هنا.

_ حسناً، أفلتها ولن ترى لنا ظلاً هنا بعد الآن.

_لا، ليس أنتِ، الدجاجة فقط.

_ولماذا؟.

_لأن ديكنا مات، هل فهمتِ! وجدناه هذا الصباح يابساً مثل خشبة.

_ أوه، أنا آسفة، أعتذر منك.

_ لايهم، فقط أريد منكِ إيجاد وسيلة لأخبار الدجاجة بذلك، أنها خرقاء، انظري. قال صاحب الظل الطويل ذلك، ثم طوّحَ بها صوب بيتنا، من فوق السور العالي تماماً .


٢ -  حدجني أبي بنظرة غاضبة حين عدتُ من بيت صاحب الظل الطويل، قال :

_ ألم أمنعك من التطفّلْ على بيت الجيران، ثم أنكِ أصبحتِ شابة يابنت، الا يلفت انتباهك صدرك العارم هذا !.  شَرقتُ بدمعي، لم أستطع الرد، لكن أمي فعلتْ، شمّرتْ عن ذراعيها وزأرتْ في وجه أبي :

_أنا التي أرسلتها، ثم كلانا نعرف أنا وأنت أنها ستصبح عروساً لأبنهم، فقط مسألة وقت، ريثما ينضجا. هذه المرة قفزت للأعلى من الفرح، حتى كاد رأسي يمس السماء. 


٣-   وجدتُ أن العصفورة قد سبقتني في نقل الخبر إلى صاحب الظل الطويل، كانت شقيقتي الصغرى هي من فعل ذلك، قال حين وجدني أحدّق في الأرض بحثاً عن حفرة لأخبئ خجلي فيها :

_ يابنت هل يعني هذا أنك أصبحتِ مُلكي؟ طيّبْ ماذا عن  قبلة تحت الحساب !. رفعتُ رأسي بسرعة لأرد عليه وأوبخه، لكنه تبخّر قبل ظلّه.


٤-   كان الوجوم والأسى قد ارتسم بشكل واضح على ملامح وجهي الحلو، صاحب الظل الطويل تردّدَ كثيراً قبل أن يعلّق حقيبته في كتفه النحيل، قال لي وهو يدنو صوبي وأمه تلاصقه مثل ظل :

_ لن أغيب طويلاً، أوصيكِ بهذه التي خلفي وتلك التي خلفك. حين التفتُ للوراء وجدت أمي، كانت تبتسم مثل طفلة، تم تسريح شعرها للتو!.


٥ -  رحّبتْ بمقدمنا أشعة الشمس، شكلّنا نصف دائرة، أنا وشقيقتي وأمه وأمي، تلك كانت لعبتنا، نخطُ في الأرض اشكالاً وهمية تصنعها أصابعنا الملوثة بالتراب، الصمت يخيّم، وصاحب الظل الطويل غيابه طال، حتى لأبعد مدى.


بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة