غوص في الدماء: بقلم عبدالرحمن بن الياس

 المركز الثالث: --- 20.5

عبدالرحمن بن الياس


1 -  للمسابقة. 


غوصٌ في الدماءِ 


بعدما فتحتُ التلفاز وظهر اسم قاعدة سبايكر أغمي عليّ.. حين صحوت تخيلتُ الموقف الرهيب ذاك، حيث سقطتُ في بحر الموت الهائج وكدتُ أصل قاعه ولكنّي خرجتُ. 

أتذكر جيدًا حين حاصرتْ قوات داعش القاعدة وأسرونا وساقونا كخرافٍ بيعتْ بثمنٍ بخسٍ وساروا بنا لا يلوون شيئًا، حين أوصلونا النهر كان الموت بانتظارنا، أتى حينها بأشكالٍ عديدةٍ، الحسن الحظ من قتل بدايةً ولم يلوع بمناظر النحر بالسكين والرمي بالرصاص، حيث ترى عجابًا فمنهم من يجعل الجندي هدفا ويسدد ضرباته يتعلم الرماية، ومنهم من يشفي حقده فيغرز السكين في صدر هذا بشدة حتى تنفذ، وفي رقبة ذاك حتى تخترقها، ومنهم من رماه حظه التعيس عند داعشيٍّ يعشق السحل فيسحل الجنود بالسيارة تارة وبيده تارة أخرى. 

كان نصيبي من تلك الهبات ثلاثة عشر رصاصةً واحدةٌ لا تزال في يدي تذكرني بالحدث دائمًا. 

حيث سحبني من شعري واحدٌ منهم وصاح بي: 

ـ اركع أيها الكافر المرتد.

ما هان عليّ أنْ أركع لغير الذي خلقني، وكينتُ موقنًا أنّي مقتولٌ لا شك فقلتُ له:

ـ لنْ أركع.. 

ـ هكذا إذن! قالها وقد احمرتْ أوداجه.

ـ نعم.

ابتعد عني مسافةً، ثمّ صوبَ بندقيته تجاهي وزرع في جسدي عشر رصاصاتٍ ولكنّه كان مرتبكًا، فكلّ الرصاصات استقرتً بعيدًا عن القلب.. على أيّ حالٍ سقطتُ على وجهي ويداي معصوبتان وكأنّه لم يتأكد من موتي فجاء وأطلق ثلاث طلقاتٍ أخرى واحدةٌ جاورتْ عظم الساعد ولم يستطع الأطباء استخراجها لخوفهم أنْ تتلف العصب الضاغطة عليه إنْ انتشلتْ، أما الباقيتان فاستحلتا عمودي الفقري واتلفتا فقرة حرمتني رفع رأسي وجعلتني أحدبًا.. حين تحسّس رقبتي حاولتُ قطع نفسي مع أنّ الألم كان فضيعًا وفي النهاية ذهب بعيدًا عني. 

بعد دقائقٍ وأنا أقاسي الألم وأكتم صراخي بدأتْ الجثث تتساقط فوقي كذارت التراب حين تفتتُ كتلة منه حتى صار هرمًا من الجثث خرجتُ منه بعد تسع ساعاتٍ لو بقيتُ فيه ساعة أخرى لمتُّ. 

*********


تعليقات

المشاركات الشائعة