انتقام الجزء الثاني: بقلم احسان علي العارضي

 انتقام....الجزء الثاني

رجع العجوز متعبا الى بيته، حيث قابلته زوجته التي تصغره بسنوات، قائلة، الله يساعدك، اليوم بذلت جهدا كبيرا في مركز الشرطة، رد عليها بعد أن ابدل ملابسه وتمدد على السرير: نعم والله، جسمي كله يؤلمني لا ادري مابي، يبدو اني أصبت بوعكة، قامت زوجته بقياس حرارته حيث وضعت كفها على جبهته، قالت: يبدوا انك فعلا مصاب بالحمى، ساعمل لك كمادات، ...

في بيت الطبيب تتصل به أخته، السلام عليكم اخي كيف حالك اظنك نسيت أن لك اختا على قيد الحياة، يرد عليها بدفئ : حقك اختي انا مقصر معك حبيبتي الجميلة، انت ماتبقى لي من هذه الدنيا الصعبة، تقاطعه، لا ادري لماذا نقلت نفسك الى هذه القرية البعيدة، لقد كنت في المدينة وعيادتك الخاصة، بادرها بالقول: لاتهتمي للامر، انا مرتاح هنا، الناس طيبون، ردت عليه بعد أن أخذت شهيقا بأن في سماعة الموبايل: انك عنيد جدا، انت حر، ولكن أنا افتقدك لاتنساني اخي، أجابها بحزن: تدللي اختي انا بخدمتك لاتهتمي سنلتقي قريبا...

ياتي زوجها من العمل كان مهندسا مدنيا يشتغل في شركة كبيرة، وهو شاب وسيم اسمر اللون قوي البنية، صاحب عينين واسعتين، كان يحمل في يده جريدة اخبارية، يسلم عليها، فترد السلام بعد أن قبلها في راسها، سالته: ها ماهي الاخبار اليوم، يضحك: اليوم تسالين عن الأخبار ليس كعادتك، ترد عليه بضحكة جميلة: لا مجرد سؤال؟ قال لها: تدرين حدثت جريمة بحق امرأة عجوز في نفس القرية التي يسكن فيها اخوك، ولا أدري اخوك لماذا نقل نفسه إلى هناك عجيب امره، يترك المدينة ويذهب إلى القرية، تقوم زوجته بأخذ الجريدة منه حتى تقرأ الخبر، لكنها حين رأت صورة العجوز، انتابتها قشعريرة مفاجأة وحزن كبير، كأنها احست أن هذه المرأة تعرفها من زمان، حاولت أن تتذكر، لكن ذاكرتها خانتها، فلم تحصل على شيء، ثم ربت زوجها على كتفها قائلا: يلا قومي اعملي لي الغداء اني ميت من الجوع...

في اليوم التالي تسوء حالة العجوز فيقرر الذهاب الى المستوصف بعد إلحاح زوجته عليه بالذهاب فيذهب على مضض، حين يدخل على الطبيب المختص، تبادر إلى ذهنه ذلك الرجل الذي كان يتردد على بيت العجوز الميتة، لكنه أخفى معرفته به، كاد تركيزه يفضحه أمام ذلك الطبيب...

تداهم قوة من الشرطة بيت الطبيب المختص، على ضوء اخبار العجوز ضابط الشرطة بأن الطبيب المختص العامل في المستوصف الحكومي، يشبه إلى حد ما الرجل الذي لاحظه يتردد على بيت المرأة العجوز، ...

الضابط: لقد عرفنا انك ترددت على بيت المرأة العجوز عدة مرات، هل تنكر هذا؟

الطبيب: بعد أن تناول سيجارة، قام الضابط باشعالها له، نعم أنا لا أنكر ترددي عليها كنت اعطف عليها، ببعض الاكل، والأدوية لانها مريضة...

الضابط: ولكن أنت متهم بقتلها .

الطبيب: كيف اقتلها ومن هي حتى اقتلها أنها امرأة مسكينة شبه عمياء...

الضابط: لقد ثبت من المعمل الجنائي، أنها تناولت جرعات كبيرة من الدواء، 

الطبيب: يمكن هي تناولت الدواء بصورة خاطئة،

الضابط: ربما كلامك صحيح، ولكن ...هنا الضابط لم يعرف مايسال، لقد التبس عليه الامر، ثم رجع إلى مساره الصحيح وساله؟ ولكن كيف تفسر وجود الأدوية مخلوطة مع الاكل،

ارتبك الطبيب: مستحيل لايمكن ذلك...

الضابط: قل الحقيقة دكتور، انت المتهم الوحيد بقتلها،...

هنا ينهار الطبيب بسهولة، ويعترف بأنه هو الذي قتلها،

الضابط: انا مستغرب جدا لقتلك امرأة عجوز مثل امك

الطبيب: أنها ليست أمي

قالها بعصبية بعد شرب قدحا من الماء...

الضابط: طبعا هي ليست امك...

تأتي أخته من السفر هي وزوجها الى بيت اخوها الطبيب، بعد أن علمت بالقبض على اخيها من زوجته، تصل باكية أنه اخوها الوحيد، 

تسال زوجته: اخي متهم  بقتل من؟!

الزوجة: أنها امرأة عجوز، قبل فترة قتلت،

تعود مخيلة اخته، الى تلك المرأة العجوز التي قرأت فاجعتها في الجريدة...

الاخت: عجيب الامر وهل اخي لديه شيء مع هذه المرأة الطاعنة في السن، 

تحاول الاخت أن تستفسر اكثر من الذين ساكنين حول بيت العجوز، فتلتقي بذلك العجوز النداف الذي كان سببا في القبض على اخيها، 

فعرفت منه اسم العجوز وحكايتها كلها، فتاثرت الاخت كثيرا وراحت تبكي بمرارة وحزن كبير...

زوجها استغرب لموقفها وحزنها الكبير لسماع القصة، طلبت من زوجها أن تقابل اخيها في السجن، فبعد الحصول على الاذن بالمقابلة، قابلته،وسالته؟

هل فعلا انت قتلتها؟!

رد عليها بحزن: نعم انها تستاهل القتل.

اتذكرين عندما طردتني من بيت أبي لمجرد اني تشاجرت مع زوجها، وانت تبعتيني وذهبنا الى بيت صديق ابي في المدينة واكرمنا غاية الاكرام انها لاتستحق الحياة.. 

الاخت: ولكنها كبيرة بالسن، وتستحق الرحمة والشفقة..

انها امنا التي ربتنا وسهرت علينا تقتلها، لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم..ثم اجهشت بالبكاء بصورة كبيرة ومحزنة...

انطلقت سخرية ابليس على ثغره بضحكات عارمة، إصابته بالهلوسة، حين عاش حياته كلها يروم الانتقام...


انتهت............إحسان علي العارضي...

تعليقات

المشاركات الشائعة