شمس تشرين: بقلم مهدي الحابري

 المركز الاول: --- 21.5

مهدي الجابري


37 -  للمسابقة

شمس تشرين 


  لاحت لي من بعيد يافطات معرض الفنون التشكيلية، المقام على قاعة الرواق، كانت لوحات جميلة، تميز فيها فنانون شباب، ذهلت عندما شاهدت هذا الجمال من الفن، امتدت يدي الى محفظتي أبحث عن القلم ودفتر الملاحظات ونظري منشد الى لوحة فيها معاني كبيرة، و من مكاني أخذت ادون ملاحظات عما أشاهده من  إبداع،  لم أنتبه لما حولي، لكن استرعت انتباهي شابة واقفة تنظر إلي بتعجب، واضعة يديها على حقيبتها،  الفتاة جميلة، عيناها واسعتان،  وجهها بشوش،

آه تذكرتها! كانت هي نفسها الكاتبة التي أهدتني مجموعتها القصصية في معرض الكتاب الاول، وعلى نفس أديم هذا البيت التراثي العريق في باحته الجميلة، البيت الثقافي الذيقاري. 


- اهلا استاذة سعاد مرحبا أنرت المعرض.

- ألا تجلس وتكتب هكذا تعب عليك.

- أبهرتني هذه اللوحة، لم أفكر بالجلوس حتى أكمل قراءتها.

- يتضح ذلك من حضورك ظهرا.

- تعالي نجلس تحت ظل هذه النخلة العراقية الباسقة، التي قاومت كل الظروف وهي صامدة، وكما تعلمين ويعلم الجميع ان شمس تشرين في جنوب العراق أيضا حارقة رغم بعدها.

- نعم لنجلس ونتاول مرطبات.

- لحظة!  هنا اخدم نفسك بنفسك، سأقوم أنا بالواجب.

وضعت يدي على كأسّ شراب العصير البارد، أحسست بدفء ويد  امتدت فوق يدي سرت في جسمي قشعريرة وصلت الى رأسي سحبتها وأنا ألملم بأصابعي كالمذهول، كانت ابتسامتها عريضة!

-" أتعلم منذ مدة وأنا أنتظر الفرصة التي نلتقي فيها، أقرأ لك كثيرا و أتابعك بشغف. 

-أتذكر كلمة خرجت من فمك قلت عمي ولهذا ابتعدت عنك.

- الحب لايعرف عمرا يا مهدي أليس كذلك.

- عدت الى شبابي.

-تأخرنا كثيرا لنذهب.

- كما تريدين. 


أتعلمين أن في هذه الأيام هناك حراك شعبي، قد تكون الطرق قد تقطعت ، 

-" ماهذا؟ ماذا هناك؟ 

أسمع حركة أقدام قوية لكن دون أن تتقدم أسرعي! أما تعلم إن خطواتنا نحن النساء صغيرة، دعني أمسك بذراعك حتى لاتسبقني، تأبطتها وصلت يدها الى صدري أشبكت أطراف أصابعنا، الإبتسامة تجمل وجهينا. 


مهدي! مهدي! الدخان لاحظ لاحظ الدخان، لا عليك كل مرة تحدث هذة المطالبات. 


لابد أنها تطورت لاحظي الإطارات تحرق وأصوات اطلاق نار، مهدي دعنا نبتعد من هذا المكان! هااااا اصبحت كر وفر تطورات واضحة

-  لنذهب بعيدا الدخان الدخان كثيف البس الكمامة وانا أيضا سأفعل ذلك.  هيا لنهرب بعيدا عنهم.

دعينا نتقترب من الشباب الثائر، لاحظي انهم يرسمون، يستخدمون الفحم المحترق، لوحات جميلة على الجدران! لوحة كبيرة على جدار بهو المحافظة! اتضح لي أن أهدافهم سامية.

تذكرت هل لديك دعوات حضور المعرض وهذا هو اليوم الأول ولازال أمامنا ثلاثة أيام متبقية، وهل يقبلون دعوتي؟ 

دعيني أقدم لهم الدعوة! اعتقد الوقت غير مناسب بهذه الشدة وهذا الاعتصام.

لقد تقبلوا دعوتي ووعدوني بالحضور المميز.

مهدي اطلاق نار من الجهة الثانية، لقد اقتنعت بمطالبهم رغم الشدة التي يستخدمونها في الضغط، لابد من احتواء الموقف وإلا يخرج عن السيطرة.

لقد تأخرنا على موعدنا غدا ان شاء الله، اترك يدي، كنت حسبتها من جسمي، ياااااه ليلتني لا أُفارقك، دعني اطمئن عليك لاتغلق هاتفك.

اليوم الثاني:- الحضور واسع والمشاركات جميلة، لكن سعاد لم تصل بعد!

لأتناول الشاي ريثما تأتي.

كدت أشرق من يربت على كتفي، هااااا سعاد مرحبا بك، جئت بخبر مفرح! ماهو؟

لقد حضر الشباب المطالبين بحقوقهم بأجمل اللوحات المعبرة،  أوعزوا لهم بجناح خاص، سعاد هل أنا في حلم، هااا وهذا الإعلام حضر القنوات الفضائية.

لاحظي هناك من القادم مسؤولو الدولة، اكتظ المعرض بالحضور، إنهم أمام لوحات أصحاب الحقوق! 

إن قلت لك لن تصدقي! 

ماذا يا مهدي قل لي

لقد دعوا المشاركين في المعرض للحضور الى قبة البرلمان لمعالجة مطالبهم المشروعة!

لا أصدق تحقق ما كنا نصبواليه، سرح فكري بعيداً، لنجلس قليلا ..

سعاد ..

لاتبتعدي ..عيناك فيهما سر،أنت أعدت الحياة لقلبي الذي توقف عن النبض منذ زمن.

سأجلب لنا عصيرا،انتظرني،

سعاد سأحملك على جناح الغيم، سأكتب فيك معلقة وأرسم لوحة لم يعرف الفن لها مثيلا.

أنت فرح شبابي الذي ذهب بلا عودة 

تأخرت سعاد 

كل هذا الوقت لجلب كأسي عصير ..

الجلبة تتعالى من بعيد، أهرع إلى المكان، الشباب يتجمعون في حلقة وبعضهم منهمك في أمر ما،

اقتربت من مركز الحدث،كانت سعاد مرمية على الأرض وشعرها الأسود متناثر حول وجهها وعيناها مغمضتان، وصراخ الشباب حولنا، لقد أصابوها، أطلقوا عليها النار، وتصاعدت الهتافات الغاضبة، اقتربت من سعاد حملتها وركضت باتجاه نقطة الاسعاف ...لم يسمحوا لي بالبقاء قربها ... جلست تحت النخلة أنتظر عودة سعاد للحياة، بل عودة قلبي ورائحة النخلة تفوح وتلفني بحنانها، أنا وهي ننتظر ان تفتح سعاد عينيها لتبتسم لنا الحياة من جديد. انتهت.

****


تعليقات

المشاركات الشائعة