في عتمة الحافلة: بقلم تيسير مغاصبة

 (في عتمة الحافلة )

    الجزء الثالث

،،،قصص،،،

بقلم :تيسيرالمغاصبه 

     -٩-

-------------------------------------------------------------

،،،أكثر رقي منا ،،،


الفصل الأول 


لم تكن الحافلة ممتلئة بالمسافرين ،ولهذا السبب 

كان الجلوس بحرية من دون التقيد برقم المقعد ،

كعادتي أخترت مقعدي إلى جانب النافذة كي أطل 

من خلالها متأملا الغيوم السوداء و..القمر،

بالرغم من كثرة المقاعد الخالية إلا إنها إختارت 

مقعدها إلى جانبي ..يالسعادتي إذا كان ذلك 

مقصود ..ولماذا لايكون مقصودا ..ماألشيء الذي 

ينقصني وانا شاب بكامل أناقتي ..شاب ههههه بالطبع هي ثقة لاغرور،


إنبعثت رائحة عطرها الجميلة ،وبالرغم من ذلك 

..الكرم الباذخ..إلا إنها نظرت إلي وإبتسمت لإنها

جلست إلى جانبي دون إستئذان ،أرتني تذكرتها 

موضحة لي ذلك الإلتباس ،فخيبت آملي ،لأن 

الرقم الموجود على تذكرتها هو رقم ذلك المقاعد

..نفسه ..مقعدها ،لقد أرادت التقيد برقم المقعد.. والنظام ،

حتى لو فرض عليها ذلك الجلوس إلى جانب 

رجل أربعيني،

"إذن لاتنغر بنفسك أيها العجوز ههههه!"

أخرجت من حقيبتها حبتين ملبس "حلوى مغلفة"

يبدو من غلافها إنها بنكهة النعناع ،

قدمت لي واحدة ..قلت معتذرا بأدب :


-أشكرك لاداعي؟


لكنها أمسكت بيدي وفتحتها ووضعتها فيها

والإبتسامة  الجميلة لاتفارق ثغرها ..حررت 

قطعتها من غلافها وقبل أن تضعها في فمها نظرت

إلي وعندما لاحظت إني لم أفعل مثلها ،قامت 

بوضع قطعة الحلوى خاصتها في فمي ثم أخذت 

قطعة الحلوى التي قدمتها لي أولا  من يدي ،ثم

حررتها من غلافها ووضعتها في فمها ثم إبتسمت،

ضحكت أنا بدوري وقلت لها :


-اشكرك ؟


طالما إنها قد أزاحت حدود التكليف بيني وبينها 

أخذت بتأمل جمالها المميز اللافت ،وماكياجها 

الصارخ ..وألوان ثيابها الفاقعة ،سروالها.. الجينز 

الأزرق الضيق ، ذلك الموديل الممزق والذي يكشف الابيضاض  لبشرتها الجميلة من إحدى شقوقه، والبلوزة الصفراء والحقيبة الحمراء ،تناغم جميل..

لون ذهبي لامع على شعر أصفر متماوج ،

كان في يدي رواية مترجمة عن التركية ،كنت 

قد أحضرتها معي كي أقرأها بأوقات فراغي أو 

في رحلتي ،خصوصا عندما يخيم الظلام ولا أعود أرى شيئا من النافذة ،


لكن تلك الجميلة قد غيرت نظام برنامجي ..

تساءلت في نفسي "ياترى من أي كوكب حضرت 

تلك الجميلة ،بتحررها وعفويتها "

فتتشتت مشاعري مابين الإعجاب ..والحب ..

والدهشة ..والسعادة ،

طلبت مني بحركة بيدها ودون أن تتكلم أن أقلب

الكتاب بأتجاه صفحة غلافه الأولى الذي كان 

لناظم حكمت بعنوان "الحياة جميلة يارفيقي"


عندما رأت الغلاف والعنوان أعطتني إشارة إعجاب

بيدها كإعجابات الفيس بوك بمعنى "أنت هكذا".

هذه المرة الحافز من جهة ؛وضعفي أمام الجمال 

من جهة ثانية جعلاني أتحدث إليها ..مغازلا :


-و أنت جميلة جدا ؟


يبدو إنها لم تفهم ماقلت لها ..هل هي ليست عربية، لكني أشرت لها بيدي بمعنى "أنت جميلة"

وضممت أطراف أصابعي مع بعضها وقبلتهن 

كي اوصل إليها المعنى نفسه ،

إبتسمت وشكرتني بطريقة سهلة فهمتها بسرعة ،

شعرت بالضيق بسبب إحتمال أن لاتكون عربية 

خصوصا أني لااجيد سوى العربية ،هل حوارنا 

سيبقى بلغة الإشارة ،قطعت ذلك الانسجام 

المضيفة التي إقتربت منا لتسألنا ماذا نطلب ،هي 

لم تطلب شيئا ،لكني طلبت إثنين نسكافيه..لي 

ولها .


(يتبع....)

٣-٢-٢٠٢٢

تيسيرالمغاصبه


تعليقات

المشاركات الشائعة